وقد أفَاد القرطبي مِنْ أئمَّة التَّفْسِير واللغَة، وأفاد مِنه مَنْ أتَى بَعْدَه في مَجَالات شَتَّى.
أمَّا إفَادَة القرطبي مِمَّنْ سَبَقُوه فَقَد أفَاد من ابن جرير، وهو يَنقُل عنه كَثِيرًا ولا يُشِير إليه إلَّا في مَوَاضِع قَلِيلة، بِخِلاف ابن كثير، فإنه إذا نَقَل صَرَّح بِمَنْ يَنْقُل عنه.
كَمَا أنَّ القرطبي يَنقُل عن ابن عطية كَثِيرًا، ويَذكُره صَرَاحة في بَعض الْمَوَاطِن، ويَنْقُل عنه ولا يُشير إليه في مَوَاطِن أُخْرَى.
وسَوف أقتَصِر في هذا المبحث على مِثَالَين في إفَادَته مِمَّنْ سَبَقَه، ومِثَالَيْن في إفَادَة مَنْ أتَوا بَعده مِنه؛ إذ الْمَقْصُود بَيَان طَرِيقَتِه، وإيضَاح منهجه، وأثَره فِي مَنْ أتَى بَعده في هذا الجَانِب لِدَفْع تَوَهُّم التَّعَارُض.