للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجّح الشنقيطي أن الآية الأوْلى نَاسِخة للثَّانِية، وإنْ كَانت قَبْلَها في الْمُصْحَف لأنَّها مُتأخِّرة عَنها في النُّزُول (١).

[رأي الباحث]

١ - أنَّ الآيَة الأُولى نَاسخَة للآيَة الثَّانيَة، وجَاء النَّصّ في رَوَايَة البخَاري عَلى ذَلك.

٢ - أنه لا يُمْكِن الْجَمْع بين الآيَتَين، لأنَّ الأوْلى حَدَّدتْ العِدّة بِعَام كَامِل، والثَّانِيَة بأرْبَعَة أشْهُر وعَشْرا.

٣ - أنه لا يُنْكَر كَون النَّاسِخ مُتَقَدِّم على الْمَنْسُوخ في تَرْتِيب الْمَصَاحِف، وذَلك في غيرِ مَوضع مِنْ كِتَاب الله، بل إنَّ تَقْدِيم السُّوَر الْمَدَنِيَّة في التَّرْتِيب عَلى السُّوَر الْمَكِّيَّة أمْر ظَاهِر لا إشْكَال فِيه.

وقَول أبي مُسْلِم: "ولَمَّا كَانَتْ هَذه الآيَة مُتَأخِّرَة عن تِلك [في] التِّلاوة، كَان الأَوْلى ألا يُحْكَم بِكَوْنِها مَنْسُوخَة بِتِلك" واحْتِجَاجه لِقولَه هذا مُتعقَّب مِنْ وُجُوه:

الأوَّل: مَا تَقَدَّم مِنْ قَول ابن الزبير لعثمان: إنَّهَا مَنْسُوخَة، ولم يُنكِر عَليه قَولَه، وإنما أجَاب بأنَّ هَذا فِعْل النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) انظر: دفع إيهام الاضطراب (ص ٣١) ونَصّ على أنه ليس في القرآن آية هي الأولى في المصحف ناسخة لآية بعدها إلا في موضعين، أحدهما هذا الموضع، والثاني آية: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ) [الأحزاب: ٥٠] هي الأولى في المصحف، وهي ناسخة لقوله: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ) [الأحزاب: ٥٢] الآية، لأنها وإن تَقَدَّمَتْ في المصحف فهي مُتأخّرة في النُّزول، وهذا على القول بالنَّسْخ. اهـ.
وزاد البغوي مثالًا ثالثًا، فقال: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) [البقرة: ١٤٤] هذه الآية وإن كانت مُتأخِّرة في التلاوة فهي مُتَقَدِّمَة في المعنى، فإنها رأس القِصَّة، وأمْر القِبلة أول ما نُسِخَ من أمُور الشَّرع. اهـ.
وقال الزمخشري: قد تكون الآية مُتَقَدِّمة في التلاوة وهي متأخِّرة في التَّنْزيل، كقوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ) [البقرة: ١٤٢]، مع قوله: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) [البقرة: ١٤٤]. وقد تقدّم هذا النقل عنه.
وقال ابن حجر (فتح الباري ٨/ ١٩٤): وقد ظَفِرْتُ بمواضع أخرى. اهـ. فتُنظر عِنده في تفسير الآية.

<<  <   >  >>