للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّادِس: أنها وَرَدَتْ في السَّبْي مَتَى كَانُوا مِنْ أهْل الكِتَاب لَم يُجْبَرُوا إذا كَانُوا كِبَارًا، وإن كَانُوا مَجُوسًا (١) صِغَارًا أو كِبَارًا، أوْ وَثَنِيِّين فَإنهم يُجْبَرُون عَلى الإسْلام .... فأمَّا سَائر أنْوَاع الكُفْر مَتى بَذَلُوا الجِزْيَة لم نُكْرِههم على الإسْلام، سَواء كَانُوا عَرَبًا أم عَجَمًا، قُرَيْشًا أوْ غَيرهم (٢).

مُلخَّص جواب القرطبي:

١ - أنَّ آيَة "البقرة" مَنْسُوخَة ورُوي هَذا عَنْ كَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِين.

٢ - أنها خَاصَّة في أهْل الكِتَاب.

٣ - أنها نَزَلتْ في الأنْصَار، وأنهم أرَادُوا إكْرَاه أوْلادَهم الْمُسْتَرْضَعِين في اليَهُود.

٤ - نَزَلتْ في رَجُل مِنْ الأنْصَار.

٥ - لا تَقُولُوا لِمَنْ أسْلَم تَحْت السَّيف مُجْبَرًا مُكْرَهًا.

٦ - أنها وَرَدَتْ في سَبْي أهْل الكِتَاب، وأنهم لا يُجْبَرُون.


(١) قال قتادة: ولا يُكْرَه اليَهُودي ولا النَّصْرَاني ولا الْمَجُوسِيّ إذا أعْطَوا الجزية (تفسير عبد الرزاق ١/ ١٠٢) وروى مالك في الموطأ (ح ٦١٦) ومن طريقه الشافعي في مُسنده (ص ٢٠٩)، وفي الأم (٤/ ١٧٤) عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه أن عُمر بن الخطاب ذَكَرَ الْمَجُوس، فقال: ما أدري كَيف أصْنَع في أمْرِهم؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشْهَد لَسَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سُنُّوا بِهم سُنَّة أهْل الكِتَاب.
قال في الأم (٤/ ١٧٤): إن كان ثابتًا فَنُفْتِي في أخْذ الْجِزْية؛ لأنهم أهْل كِتَاب، لا أنه يُقال: إذا قَال: سُنُّوا بهم سُنَّة أهل الكِتاب - والله تعالى أعلم - في أن تُنكح نساؤهم، وتُؤكَل ذبائحهم. اهـ.
والحديث ثابت كما في صحيح البخاري (ح ٢٩٨٧)؛ فالشافعي إذًا يُفْتي به.
وقال البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ١٧٢): وهذا الأثر المشهور عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب، فَحَمَله أهل العلم مع الاستدلال برواية بِحَالة على الجزية، فهم مُلْحَقون بهم في حَقْن الدّم بالْجِزْية دون غيرها. ويُنظَر: "الاسْتِذْكَار"، ابن عبد البر (٣/ ٢٤١) وما بعدها، و"تفسير ابن كثير" (٥/ ٨٠)، و "أحْكَام أهْل الذِّمَّة"، ابن القيم (١/ ٨١) وما بعدها.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٣/ ٢٦٩) باختصار.

<<  <   >  >>