للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال بعضهم: نَزَلَتْ مُرَادًا بها تَحْريم نِكَاح كُلّ مُشْرِكَة على كل مُسْلِم مِنْ أيّ (١) أجْنَاس الشِّرك؛ كانت عَابِدة وَثَن، أو كانت يَهودية، أو نَصرانية، أو مَجوسية، أو مِنْ غيرهم مِنْ أصْناف الشِّرك، ثم نُسِخ تَحْرِيم نِكَاح أهْل الكِتَاب بِقولِه: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ).

وقال آخرون: بل أُنْزِلَتْ هذه الآية مُرَادًا بِحُكْمِها مُشْرِكَات العَرَب، لم يُنْسَخ منها شيء، ولم يُسْتَثْنَ، إنما هي آية عامٌّ ظَاهِرها، خَاصٌّ تأويلها.

وقال آخرون: بل أُنْزِلَت هذه الآية مُرَادًا بها كل مُشْرِكة من أي أصْناف الشِّرك كانت، غير مَخصوص منها مُشْركة دون مُشْرِكة، وثَنية كانت، أو مَجوسية، أو كِتابية، ولا نُسِخَ منها شيء.

ثم رجّح ابن جرير أنه لا نَسْخ، وأنّ الآيتين بَينهما عُمُوم وخُصُوص، فقال: وأوْلى هذه الأقْوال بِتأويل الآية مَا قَاله قَتادة مِنْ أنّ الله تعالى ذِكْرُه عَنَى بِقولِه: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) مَنْ لم يكن مِنْ أهل الكِتاب مِنْ الْمُشْرِكات، وأنّ الآية عامٌّ ظاهرها، خَاصٌّ باطِنها، لم يُنْسَخ منها شيء، وأن نِسَاء أهْل الكِتاب غَير دَاخِلات فيها، وذلك أن الله تعالى ذِكْرُه أحَلَّ بِقَولِه: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) للمؤمنين مِنْ نِكاح مُحْصَنَاتِهِنّ مثل الذي أبَاحَ لهم مِنْ نِسَاء المؤمِنَات (٢).


(١) في بعض النُّسَخ: مِنْ أنّ.
(٢) جامع البيان، مرجع سابق (٣/ ٧١١ - ٧١٥) باختصار.

<<  <   >  >>