للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) الآيَة؟ أي: هي مَخْلُوقة لِمَنْ آمَن بِالله وعَبَدَه في الْحَيَاة الدُّنيا، وإن شَرَكَهم فيها الكُفَّار حِسًّا في الدُّنيا، فهي لَهم خَاصَّة يَوْم القِيَامَة، لا يَشْرَكُهم فِيها أحَد مِنْ الكُفَّار، فإنَّ الْجَنَّة مُحَرَّمَة على الكَافِرِين" (١).

ثم أوْرَد مَا رَوَاه الطبراني عن ابن عباس قال: كانت قُريش يَطُوفُون بِالبَيت وهم عُرَاة، يُصَفِّرُون ويُصَفِّقُون، فأنْزَل الله: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ)، فَأمِرُوا بِالثِّيَاب (٢).

واقْتَصَر ابن كَثير في آيَة "الأحقاف" على قَولِه: وقَوله عَزَّ وَجَلَّ: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا) أي: يُقَال لهم ذلك تَقْرِيعًا وتَوبِيخًا وقد تَوَرَّع عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن كَثِير مِنْ طَيِّبَات الْمَآكِل والْمَشَارِب، وتَنَزَّه عنها، ويَقُول: إني أخَاف أن أكُون كَالذِين قَال الله لهم (٣) وقَرَّعَهم: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا).

وقال أبو مِجْلَز: لَيَتَفَقَّدَن (٤) أقْوَامٌ حَسَنَاتٍ كَانت لهم في الدُّنيا، فَيُقَال لهم: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا).

وقَوله عَزَّ وَجَلَّ: (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ)، فَجُوزُوا مِنْ جِنْس عَمَلِهم، فَكَمَا نَعَّمُوا أنْفُسَهم، واسْتَكْبَرُوا عن اتِّبَاع الْحَقّ، وتَعَاطَوا الفِسْق والْمَعَاصِي؛ جَازَاهم الله تَبَارَك وتَعَالى بِعَذَاب الْهُون، وهو الإهَانَة


(١) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٦/ ٢٩١).
(٢) المرجع السابق، الموضع السابق.
(٣) في طبعة دار المعرفة (٤/ ١٧٢) زيادة: وبخهم.
(٤) في طبعة دار المعرفة (٤/ ١٧٢): لَيَفْقِدَنّ.

<<  <   >  >>