للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَفِيهَا الْخِلاف (١)، فَمن قَال: إنَّهم مُخَاطَبُون، يَقُول: إنَّهم مَسْؤولُون عن الأعْمَال كُلّها، ومَن قَال: إنّهم غَير مُخَاطَبِين، يَقُول: إنَّمَا يُسْألُون عن التَّوْحِيد فَقط؛ فَالسُّؤَال عن التَّوحِيد مُتَّفَق عَليه، فَحَمْل الآيَة عليه أَوْلى بِخِلاف الْحَمْل على جَمِيع الأعْمَال لِمَا فِيها مِنْ الاخْتِلاف.

قال العيني: قُلْتُ: هَذا القَائل قَصَد بِكَلامِه الرَّدّ على النووي، ولكنه تَاهَ في كَلامِه! فإنَّ النووي لم يَقُل بِنَفْي التَّخْصِيص لِعَدَم التَّعْمِيم في الكَلام، وإنَّمَا قال: دَعْوى التَّخْصِيص بِلا دَلِيل خَارِجِيّ لا تُقْبَل. والأمْر كذلك، فإنَّ الكَلام عَام في السُّؤَال عن التَّوْحِيد وغَيره، ثم دَعْوَى التَّخْصِيص بِالتَّوْحِيد يَحْتَاج إلى دَلِيل مِنْ خَارِج، فإن اسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيث الْمَذْكُور فَقَد أجَاب عَنه بِأنّه ضَعِيف، وهَذا القَائل فَهِم أيْضًا أن النِّزَاع في أنَّ التَّخْصِيص والتَّعْمِيم هُنا إنَّمَا هُو مِنْ جِهَة التَّعْمِيم في قَوله: (أَجْمَعِينَ)، ولَيس كَذلك، وإنَّمَا هُو في قَولِه: (عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فإنَّ العَمَل هُنا أعَمّ مِنْ أن يَكُون تَوْحِيدًا أوْ غيره، وتَخْصِيصه بِالتَّوْحِيد تَحَكُّم (٢).


(١) وهي مسألة أصولية مشهورة معروفة بمخاطبة الكفار بفروع الشريعة، أو: هل الكُفّار مُخاطَبُون بِفروع الشريعة؟ يُنظر لذلك: شرح مختصر الروضة، الطوفي (١/ ٢٠٥٩ وما بعدها)، وشرح الكوكب المنير، ابن النجار (١/ ٥٠٠ وما بعدها).
(٢) عُمدة القاري، مرجع سابق (١/ ١٨٥).

<<  <   >  >>