للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي صَحِيح مُسْلِم (١) عن سَعد بن أبي وَقَّاص قال: أرَادَ عُثْمَان (٢) أن يَتَبَتَّل، فَنَهَاه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولَو أجَازَ لَه ذَلك لاخْتَصَينَا.

وخَرَّج ابنُ مَاجَه (٣) عن عَائشة قالَت: قَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: النِّكَاح مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَم يَعْمَل بِسُنَّتِي فَلَيْس مِنِّي، وتَزَوَّجُوا فَإني مُكَاثِر بِكُمْ الأُمَم، ومَن كَان ذَا طَوْل فَلْيَنْكِح، ومَن لَم يَجِد فَعَلَيْه بالصَّوْم، فَإنه لَه وِجَاء.

وفي هَذا رَدّ عَلى بَعْض جُهَّال الْمُتَصَوِّفَة، حَيْث قَال: الذي يَطْلُب الوَلَد أحْمَق، ومَا عَرَفَ أنه هُو الغَبِيّ الأخْرَق! قَال الله تَعالى مُخْبِرًا عن إبْراهيم الْخَلِيل: (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) [الشعراء: ٨٤]، وقَال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) [الفرقان: ٧٤]. وقَد تَرْجَم البُخاري (٤) على هذا: بَاب طَلَب الوَلَد.

وقَال في قَوله تعالى: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ): وفي مَعْنَى هَذَا الاسْتِفْهَام وَجْهَان:

أحَدُهما: أنّه سَأل هَلْ يَكُون لَه الوَلَد وهو وامْرَأته عَلى حَالَيْهِما أوْ يُرَدَّان إلى حَال مَنْ يَلِد؟

الثَّاني: سَأل هَلْ يُرْزَق الوَلَد مِنْ امْرَأته العَاقِر، أوْ مِنْ غَيْرِها؟

وقِيل: الْمَعْنَى: بِأيّ مَنْزِلة أسْتَوْجِب هَذا، وأنا وامْرَأتي عَلى هَذه الْحَال؟ عَلى وَجْه التَّوَاضُع.

ويُرْوَى أنه كَان بَيْن دُعَائه والوَقْت الذي بُشِّرَ فِيه أرْبَعُون سَنَة، وكَان يَوْم بُشِّرَ ابن تِسْعِين سَنَة، وامْرَأته قَرِيبَة في السِّنّ مِنْه.


(١) (ح ١٤٠٢)، ورواه البخاري (ح ٤٧٨٦).
(٢) هو ابن مظعون رضي الله عنه. وقد جاء مُصرّحًا به في الرِّواية.
(٣) (ح ١٨٤٦). وقال ابن حجر (التلخيص ٣/ ١١٦): وفي إسناده عيسى بن ميمون، وهو ضعيف. وقد صحَّحه الألباني بمجموع طُرُقه. (الصحيحة ح ٢٣٨٣) وآخِر الحديث مُخرَّج في الصحيحين من حديث ابن مسعود. البخاري (ح ١٨٠٦)، ومسلم (ح ١٤٠٠).
(٤) الصحيح (٥/ ٢٠٠٨).

<<  <   >  >>