للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) [الصافات: ٥٠ - ٥٧].

وأمَّا قوله عليه الصلاة والسلام: "كُلّ سَبَبٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِع إلَّا سَبَبِي ونَسَبِي" فهو لا يَتَعَارَض مَع مَا تَقَدَّم من نَفْي نَفْع النَّسَب في الآخِرَة، ولا مَع قَوْلِه صلى الله عليه وسلم: يا بَنِي عَبْد مَنَاف لا أُغْنِي عَنْكم مِنْ الله شَيْئا، يَا عَبَّاس بن عبد المطلب لا أُغْنِي عَنْك مِنْ الله شَيْئا، ويَا صَفِيَّة عَمَّة رَسُول الله لا أُغْنِي عَنْك مِنْ الله شَيْئًا، ويَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد سَلِينِي مَا شِئتِ مِنْ مَالِي لا أُغْنِي عَنْك مِنْ الله شَيئا (١).

فإنَّ النَّسَب لا يَنْفَع وحْدَه، فإذا لَم يَكُنْ ثَمَّت عَمَل صَالِح لَم يَنتَفِع صَاحِب النَّسَب الشَّرِيف بِنَسَبِه.

ويَدُلّ عَلى هَذا قَولُه صلى الله عليه وسلم: مَنْ بَطَّأ بِه عَمَله لَم يُسْرِع بِه نسَبه (٢).

"فَلَو كَان الله نَافِعًا أحَدًا بِقَرَابَتِه مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِغَيْر طَاعَة لَنَفَع أبَاه وأمَّه" (٣).

وأمَّا إذا وُجِد النَّسَب الشَّرِيف مَع الْعَمَل الصَّالِح فَهَذا يَنْفَع، ولا يَنْقَطِع مَعَه النَّسَب ولا السَّبَب، وهذا مَا حَمَل عُمر رضي الله عنه على التَّزوُّج بابنَة عليّ رضي الله عنه، مُعلِّلًا ذلك بما سَمِعَه مِنْ النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِه: "كُلّ سَبَبٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِع إلَّا سَبَبِي ونَسَبِي" (٤).


(١) رواه البخاري (ح ٢٦٠٢)، ومسلم (ح ٢٠٣).
(٢) رواه مسلم (ح ٢٦٩٩).
(٣) هذا مِنْ قَوْل الْحَسَن بن الْحَسَن. (سير أعلام النُّبَلاء، الذهبي (٤/ ٤٨٦).
(٤) سَبَق تخريج هذا الحديث، وفي طرقه سبب حرص عمر رضي الله عنه على مصاهرة علي رضي الله عنه.

<<  <   >  >>