للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رِوَاية مُخْتَصَرَة: قَالَتْ عَائشة: يَا رَسول الله هَلْ تَذْكُرُون أهْلِيكُم يَوْم القِيَامَة؟ قَال: أمَّا في مَوَاطِن ثَلاثَة فَلا: الكِتَاب، والْمِيزَان، والصِّرَاط (١).

وفي رواية: قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُول الله هل يَذْكُر الْحَبِيب حَبِيبَه يَوْم القِيَامَة؟ قَال: يَا عَائشة أمَّا عِنْد ثَلاث فَلا: أمَّا عِنْد الْمِيزَان حَتى يَثْقُل أوْ يَخِفّ؛ فَلا، وأمَّا عِنْد تَطَايُر الكُتُب، فَإمَّا أن يُعْطَى بِيَمِينِه أوْ يُعْطَى بِشِمَاله؛ فَلا، وحِين يَخْرُج عُنُق مِنْ النَّار فَيَنْطَوي عَلَيهم ويَتَغَيَّظ عَليهم (٢).

فَهذه مَوَاطِن لا يَذكُر فيها أَحَدٌ أحَدًا، ولا يَسْأل فِيها حَمِيم عَنْ حَمِيمِه، ولا وَالِد عَنْ وَلَده.

وأمَّا قَوله تَعالى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (١٠٢) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا) [طه: ١٠٢ - ١٠٤] فَهَذا مَحْمُول عَلى مَا بَعْد النَّفْخَة الثَّانِيَة، لأنَّ الْحَشْر يَكُون بَعْد النَّفْخَة الثَّانِيَة، وتَهَامُس القَوْم ومُخافَتَتهم في الْمَحْشَر، وهو في الْمَوَاطِن التي يَكُون فيها سُؤَال ومُرَاجَعَة.

ويَتَسَاءَل أهْل الْجَنَّة في الْجَنَّة عَمَّا كَان في الدُّنيا، ويَسْألُون عَنْ أقْوَام كَادُوا أن يُضِلُّوهُم، وهَذا يَدُلّ عَليه قَوْلُه تَعالى حِكَايَة عن تَحَاوُر أهْل الْجَنَّة: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٥٠) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا


(١) رواه أحمد (ح ٢٤٦٩٦)، وهي كسابقتها من رواية الحسن عن عائشة.
(٢) رواه أحمد (ح ٢٤٧٩٣) وفي إسناده: ابن لهيعة، وهو ضعيف، إلا أنها تشهد للرواية السابقة.
والحديث ورواه الحاكم (ح ٨٧٢٢) وقال: هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين لولا إرْسَال فيه بين الْحَسَن وعَائشة، على أنه قد صحت الروايات أن الحسن كان يدخل - وهو صبي - منزل عائشة رضي الله عنها وأم سلمة.
وقال الهيثمي (المجمع ١٠/ ٣٥٩): رواه أحمد وفيه ابن لهيعة؛ وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وقال الحسيني (البيان والتعريف ١/ ١٦٢): وفي سند أحمد بن لهيعة، وبقية رجاله رجال الصحيح.

<<  <   >  >>