على أكتافهم، وبأيديهم العصى يضربون جنبيه خوفا ان يثلج ويقف فيموت من كرب الوادي، وهو يحضر أمامهم حتى يخرجون إلى ذلك الرأس من الوادي.
وهنالك غابات ومستنقعات لها فيطرحون أنفسهم في ذلك الماء لما قد نالهم من شدة الكرب وحرّ النوشادر ولا يسلك ذلك الطريق شيء من البهائم، لأن النوشادر يلهب نارا في الصيف فلا يسلك ذلك الوادي داع ولا مجيب، فإذا كان الشتاء وكثرت الثلوج والأنداء وقع ذلك على الموضع فأطفأ حرّ النوشادر ولهيبه، فيسلك الناس حينئذ ذلك الوادي والبهائم لا صبر لها على ما ذكرنا من حرّه، وكذلك من ورد من بلاد الصين فعل به من الضرب ما فعل بالمارّ.
والمسافة بين بلاد خراسان على الموضع الذي ذكرنا إلى بلاد الصين نحو من أربعين يوما بين عامر وغامر ودهاس ورمال، وفي غير هذا الطريق مما يسلكه البهائم نحو من أربعة أشهر إلا أن ذلك في خفارات أنواع من الترك.
وقد رأيت ببلخ شيخا جميلا ذا رأى وفهم وقد دخل الصين مرارا كثيرة ولم يركب البحر قط، وقد رأيت عدة من الناس ممن سلك من بلاد الصغد على جبال النوشادر إلى أرض التبت والصين ببلاد خراسان، وبلاد الهند متصلة ببلاد خراسان والسند مما يلى المنصورة والمولتان والقوافل متصلة من السند إلى خراسان وكذلك إلى الهند إلى أن تتصل هذه الديار ببلاد زابلستان.