وغيرهم ممن قطع هذه البحار، وما ذكرناه عنهم فممكن غير ممتنع ولا واجب اذ كان جائز في مقدور الباري عزّ وجلّ خلاص عباده من الهلاك واستنقادهم من البلا.
وفي هذا البحر نوع من السراطين تخرج من البحر كالذراع والشبر وأصغر من ذلك وأكبر، فإذا أبان عن الماء بسرعة حركة وصار على البرصارت حجارة وزال عنها الحيوانية، وتدخل تلك الحجارة في اكحال الأعين وأدويتها وأمره مستفيض أيضا.
وليس بعد بلاد الصين مما يلي البحر ممالك تعرف ولا بلاد توصف إلا بلاد السيلى وجزائرها، ولم يصل إليها من الغرباء أحد من العراق ولا غيرها فخرج عنها لصحة هواها ورقة ماءها وجودة تربتها وكثرة خيرها الا النادر من الناس، وأهلها مهادنون لأهل الصين وملوكها والهدايا منهم لا تكاد تنقطع وقد قيل انهم شعب من ولد عامور سكنوا هنالك على حسب ما ذكرنا من سكنى أهل الصين في بلادهم.
وللصين انها كبار مثل الدجلة والفرات تجري من بلاد الترك والتبت والصّغد، وهم بين بخارى وسمرقند.
وهنالك جبال النوشادر، فإذا كان في الصيف رأيت في الليل نيران فارتفعت من تلك الجبال من نحو مائة فرسخ وبالنهار يظهر منها الدخان يغلبه شعاع الشمس وضوءها وضوء النهار ومن هنالك يحمل النوشادر فإذا كان في أول الشتاء فمن أراد من بلاد خراسان أن يسلك إلى بلاد الصين صار إلى ما هنالك وهنالك واد بين تلك الجبال طوله أربعين ميلا أو خمسون ميلا فيأتي إلى أناس هنالك إلى فم الوادي فيرغبهم في الأجرة النفيسة فيحملون ما معه