ويرد الشيخ بقوله:"وهو وهم بما قدمنا من البيان إذ لا يوجد من المشابهة بين إعجاز القرآن وإفحام الدليل، إلا أنه يوجد عن كل منهما وجه عجز، وشتَّان بين العجْزَين، وبُعْد ما بين وِجْهتَي الاستدلال فيهما، فإن إعجاز القرآن برهن على أمر واقعي، وهو تقاصر البشرية دون مكانته من البلاغة ".
وأضيفُ: إنه إذا كان الإفحام يتصور إبطاله من أحد غير العاجز أو من نفسه هو في وقت لاحق، فهل أبطل الإعجاز على مَدِّ زمن التحدي من القرآن للثقلين أي أحد.
وبعد إيراد كل هذا في مضمار بيان المعجزة والإعجاز نخلص إلى أن المعجز هو:
أمر خارق للعادة مقرونا بالتحدي يظهره الله على يد مدعي النبوة تصديقا لدعواه.
وإذا كان باب الدخول إلى صلب الموضوع قد أخذ من علمائنا هذه العناية بإحكام الشروع والبيان عند إرادة التفاصيل، فإن هذا ينم عن غاية تغياها هؤلاء، وهى سد أبواب التنطع في وجه كل لئيم دائر النظر، بحثا عن مطعن يقدح من خلاله في أجَلِّ كلام عرفَتْه البشرية وهو كلام الله تعالى.
لقد أدام علماؤنا افتراضاتِ الرافضين لكون القرآن كلامَ الله، فأداروا في رءوسهم كل رد لتخرس الألسنة عن تقليب ما جال في الخواطر الفاسدة الناشئة من رداءة أصل التوجه، وما أفاد العلماء من مثل هذا إلا شرفَ عنايتهم وغايتِهم من هذا، فالقرآن قد استبقى لنفسه دفُوُعاً شتى، يواجِهُ بها في كل جيل ما جلَّ من خطبه وخطره في سبيل النيل من القرآن ودرجته العليا.