هكذا تمالأت الدراسات عاكفة على مدى بلوغ سرائر الكتاب المجيد، فسلكت أثمن نظام من أطهر وأقدس كتاب، وما أخذت غير قطر من بحر، وما طاولت غير أفكارها في فهومه، وظل يطوي عنها ما به يستحث البحث جيلا بعد جيل، حتى آنست أنها لم تكن غير دقائق من فيضٍ جليل، فأثمرت في ربوع العلم تفرد الكتاب عن جملة ما في تاريخ الأرض من كتب، فإنه لم تنل علومُُ شرف امتياز الكثرة والتكثر في نظر كتاب غيره، وما تداول الباحثون موضوعا حتى استَجَدَّ لهم الكثيرُ من أمره. فأعجز الناس طرا حَصْرُ متناوله، وكأنهم يرون في كل لمحة بصيرةٍ جدَّة تنزُّله، ولم يوص سالف خليفته في أخذ وجهة تحدد من مساره، بل تبرق لإبداعات الرؤى فيه أنماط تفك المقلد من إساره، فإذا لكل باحث بهجة يظن بها بلوغ النهاية، وما هو إلا في عداد وجوه الإعجاز برهانُ عَجْزٍ وآية، وأنَّى يبلغ مبتدئ بخُطْوَةِ دَرْسِهِ آفاقَ غاية؟ وهذا تمام ما يسر الله من الحديث عن عناية المسلمين بوجوه إعجاز القرآن في هذا البحث على أن الكلام لا يؤذن بالانتهاء منه وما هي إلا خشية الإطالة والخروج بها عن القدر المطلوب. وقد خرج والله المستعان