قد سبقت الإشارة إلى السبب الذي اقتضى توجه العلماء نحو البحث في وجوه إعجاز القرآن الكريم، وما كان اهتمامهم إلا بمنزلة الرد على هذه الآراء السخيفة التي تطعن في القرآن، فالقول بالصرفة لولاه لكان لنا اليوم كتب ممتعة في بلاغة القرآن وإعجازه اللغوي وما إلى ذلك (١) فوق ما هي عليه الآن، ولكنها إن كانت قد أوهنت في هذا عَزْماً فإنها أشعلت عزائم، سواء في الرد عليها، أو في بيان وجوه الإعجاز القرآني، وكان المخرج منها مدخلا لعلوم كثيرة من القرآن الكريم أهمها البلاغة، وما اكتفى، المسلمون بذلك بل كلما امتد الزمن برزت على سنيه ناطقاتُُ بوجوه إعجازٍ ما قِيلَتْ من قبل. فكانت وجوه ذاتية، وأخرى علمية، بل من مظاهر عناية المسلمين من تعد مؤلفا تهم تأريخا لهذا الإعجاز.
لذا كانت مباحث هذا الفصل متناولة الرد على الوجوه المختلف فيها، ثم بيان وجوه الإعجاز الذاتي للقرآن وذلك على نحو كالآتي:-
(١) تاريخ آداب العرب جـ٢ صـ١٤٦، إعجاز القرآن للرافعي.