للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعجائب القرآن في نظمه هي التي بعثت على التصنيف في علوم البلاغة بعد أن ذاق أصحاب الفطر السليمة جملا من حلاوة هذا الكتاب فقعدوا لعلوم نظم الكلام قوَاعِدَهُ، يضاف إليها كلَّ حين ما يُفَصِّلُ مجملها حتى صارت البلاغة بعلومها الثلاثة علما قائما بذاته على نحو ليس هذا مجال ذكره (١) .

هذا من حيث ما يتعلق باللفظ ومعناه القريب الدائر مع كل قارئ متدبر للقرآن الكريم. وفيه جميع آياتِ القرآن على سواء.

أما من حيث المعنى المستحدَث فهو الخاص بآياتَ معينة تمس وصفا لظاهرة علمية كدلائل على قدرة الله تعالى، أو تحتمل وصفا لظاهرة كونية.

ومثال الأولى: ما جاء في القرآن من آيات التقاء البحرين دون أن يبغي أحدهما على الآخر، وخروج اللؤلؤ والمرجان منهما، فهذا المعنى يدور في فهم كل قارئ للقرآن منذ نزوله وحتى قيام الساعة، وحين يقول الله في شأن البحرين ومن كلٍ تأكلون لحما طريا فإنه يقع عليها فهمان، فهم قريب: وهو أن الله يُظْهر مِنَّته على عباده إذ جعل لهم لحما طريا من البحرين، والفهم الأعمق: هو أن اللحم من المالح ليس ما لحابل اللحمان مع اختلاف بيئتهما بينهما وصف جامع هو عدم الملوحة فيهما.

ومثال الثانية: الآيات التي نقل معناها القريب بالتأويل إلى تفسيرات للظواهر الكونية مُوافِقة للنظريات العلمية التي درج الأخذ بها في تفسير هذه الظواهر.


(١) في قضية الإعجاز القرآني وأثرها في تدوين البلاغة العربية د/ عبد العزيز عبد المعطى عرفة طبعة دار الكتب ط١ - ١٤٠٥هـ ١٩٨٥م ذكر المؤلف أن خفاء المشبه به في قوله تعالى " طلعها كأنه رءوس الشياطين" الصافات ٦٥، كان سببا في تأليف كتاب مجاز القرآن لأبى عبيدة.

<<  <   >  >>