للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإنما تقع الحاجة إلى العلم بما يوجب الفاعلية للشيء إذا كان إيجابها من طريق المجاز كقوله تعالى {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} وأشباه ذلك مما يجعل الشيء فيه فاعلا على تأويل يدق، ومن طريق يلطف، وليس يكون هذا عِلْماً بالإعراب ولكن بالوصف الموجب للإعراب، والغرض من القول بأن الفصاحة في المعنى دون اللفظ: أن المزية التي من أجلها استَحَق اللفظُ الوصفَ بأنه فصيح، عائدة في الحقيقة إلى معناه، وهي تظهر في الكلم من بعد أن تدخل الكلمة النظم، وإذا أفردت لم تَرُمْ فيها نظما ولا مزية لها، فوجب العلم قطعا وضرورة أن تلك المزية في المعنى دون اللفظ

وفي الإشارة (١) إلى المجاز للعز بن عبد السلام وجوه ذكر منها: صرف العرب عن المعارضة مع قدرتهم عليها وحرصهم على إيطاله، أو صرفهم عن القدرة على معارضته.

وابن جزي الكلبي في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل (٢) ساق وجوها عشرة من وجوه الإعجاز من بينها ما فيه من التعريف بالباري جل جلاله، وذِكْرِ صفاتِه وأسمائه وما يجوز عليه وما يستحيل والدعوة إلى عبادته وإقامة البراهين، والرد على الكافرين.

ومن كل ما سبق نتبين أنه لم يسلم من الرد غير النظم وجهاً لإعجاز القرآن الكريم، ولا يتصور خلو الآيات الأولى من النظم حال نزولها على النبي صلى الله عليه وسلم أول بدء الوحي.


(١) كتاب الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز للعز بن عبد السلام صـ٢٧١.
(٢) كتاب التسهيل لعلوم التنزيل صـ١٤.

<<  <   >  >>