أحسن تمثيل وإذا أريد شيء بين بين أمكن الرجوع إلى طبقة الخبازين والجزارين والخدم، وفي كل هذه الحالات حين يتيسر الحصول على راو يمثل اللغة الحية يجد الباحث نفسه مزودا بما يسمى بالظروف البيئية field conditions وهي على طرفي نقيض مع ما يسمى بالظروف الفلولوجية philological conditions التي تميز العمل الذي يقوم به علماء اللغة التاريخيون الذين يتخذون مادتهم الأساسية من الوثائق والنقوش وغيرها من المادة غير الحية.
والخطة المزدوجة التي تجمع بين جمع المادة ثم فحصها ومقارنتها تبدأ على شكل أسئلة صيغت خصيصيا ليمكن عن طريق توجيهها للراوي أن تكشف عن كيفية التعبير عن أشياء معينة في لغته، وعادة ما يتدرج الباحث من الكلمات القصيرة السهلة إلى التعبيرات الطويلة والجمل الكاملة أما الإجابات فيجب أن تكتب بالرموز الصوتية وكلما سجلت تفصيلات أكثر كان أفضل، وربما استخدم جهاز التسجيل أو الأسطوانة أو كلاهما إلى جانب ذلك.
وفي اللحظة التي يتجمع فيا لدى اللغوي المادة الكافية يبدأ عمله التصنيفي والاستنتاجي، وعلى أساس من خبرته العلمية الخاصة في الفونيمات يقرر أي الأصوات المتقابلة أو المتضادة تناسب موقعية معينة وأيها لا يناسب، وحينئذ يجب عليه أن يفصل الفونيمات الحقيقية للغة من الألوفونات، وخلال ذلك الوقت يجب أن تتكون عنده صورة كاملة من التركيب الفونيمي للغة وعن الألوفانات التي تكون كل فونيم، مع صورة واضحة عن الظروف المعينة التي بتحققها يقع الألوفون المعين.
ولنوضح ذلك بالمثال نقول: لو فرضنا أن اللغة الإنجليزية الأمريكية تعتبر لغة غير معروفة وغير مكتوبة، فلكي تكون موضوعًا لخطة فونيمية تحليلية ينبغي على اللغوي أن يحصر الفونيمات عن طريق ما يعرف فنيًا باسم الثنائيات الصغرى minmal pairs وذلك بأن يمتحن كل كلمتين تتفقان تمامًا في كل الأصوات ماعدا واحدًا منها مثل sit و fit، أو set و sit، أو sip