للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحتى الوقت الحاضر لا توجد إلا مناطق ضئيلة جدا هي التي وضع لها أطلس لغوي, ومن الملاحظ مثلا أننا ما زلنا في حاجة إلى أطلس لغوي شامل للعالم المتكلم باللغة الإسبانية، في البلاد المتكلمة باللغة الفرنسية، دون ارتباط بفرنسا مثل كويبك، وهايتي، والمستعمرات الفرنسية البلجيكية السابقة في إفريقيا، فهذا يتطلب جهودا جبارة من علم اللغة الوصفي.

كذلك فإن تهذيب الأطالس الموجودة حاليا وتنقيحها في حاجة إلى جهد كبير, وهذا النوع من العمل الذي سيقوم به علماء اللغة الوصفيون بمناهج بحثهم الحديثة سوف يكون مساعدا عظيما للدراسة اللغوية التاريخية والجغرافية على السواء.

وإن علم اللغة التاريخي -أكثر من الفرعين الآخرين- ليغري به إلى حد كبير عنصر الهواية لا المهنة, فإن ما نستخلصه من ماضي اللغة وتطورها التاريخي لا يمكن استخدامه في المجال التطبيقي العملي لتعلم اللغة وتعليمها، ولا هو -على الجانب الآخر- يمكن أن يدر ربحا ماديا على الباحث. كل ما يمكن أن يقال هو أن الدروس المستفادة من الماضي ربما أفادت في فهم ما يحدث الآن، أو ما سيحدث في المستقبل. ولكن هذا في حد ذاته يمكن أن يكون ذا قيمة عملية.

وإن عالم اللغة التاريخي يجب أن يتعلم أن يكبت خياله، ويعتمد أكثر على الشواهد والحقائق. وهنا فإن لديه أشياء كثيرة يمكن أن يتعلمها من زميله عالم اللغة الوصفي. وإن فرع العلم الذي يبحثه إنما هو بالتأكيد جزء من الدراسات التاريخية العامة، ولهذا ينبغي أن يعرضه كما هو, وهناك احتمال لتضييق نطاق المنهج التاريخي الذي يستدعي تقدير الشاهد الممكن الحصول عليه تقديرا مناسبا وتقديم الدليل الإضافي, وحيث إن علم اللغة التاريخي -رغم أنه أقل الفروع عملية- ربما يكون أكثر من فروع علم اللغة جاذبية وأقواها نداء في مخيلة الرجل العادي، فإنه لن يكون مهددا في المستقبل بالاختفاء أو الزوال. ومن ناحية فقده -من الناحية الظاهرية على الأقل- للجوانب المعوقة لعلم اللغة الوصفي،

<<  <   >  >>