ذي جاه أو صاحب سلطان، كان فقيرًا زاهدًا، لكن زهده لم ينشأ عن فاقة، وإنما نشأ عن قناعة، على الرغم من الظروف الصعبة التي كانت تصادفه، وهذه هي الشجاعة في أرفع مستوياتها.
* * *
قلتُ: إن الشجاعة والحكمة شيئان متلازمان، أو صنوان من أصل واحد، فإذا كانت الشجاعة تعني الشجاعة الأدبية: إقدامًا وثباتًا على المبدأ، ومساندة للحق، ومواجهة للباطل، فإن الحكمة هي ضوابط هذه الشجاعة، هي بمثابة قياس الضغط الجوي.
كان معاوية - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يقول:«لَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ شَعْرَةً مَا انْقَطَعَتْ، إِنْ شَدُّوهَا أَرْخَيْتُهَا، وَإِنْ أَرْخَوْهَا شَدَدْتُهَا». وكان يقول:«وَإِنِّي لاَ أَضَعُ سَيْفِي حَيْثُ تَصْلُحُ العَصَا ... ». وهذه هي الحكمة في أجلى معانيها.
في رجب عام ١٣٦٦ بعث الإمام الشهيد بخطاب مفتوح إلى ملك مصر، ورئيس حكومتها مصطفى النحاس، إلى ملوك العالم الإسلامي، وأمرائه وحكامه ورجالاته المبرزين من ذوي المكانة الدينية والدنيوية، ونحن إذ نقتطف من هذا الخطاب المسهب عبارات سريعة، إنما