من الخصائص التي تميز بها حسن البنا، قدراته الخارقة على احتمال الجهد الشاق المضني الذي كان يبذله، كانت تعلو رأسه في مكتبه المتواضع بالمركز العام، لافتة صغيرة معلقة على الجدار تقول:«الأَعْمَالُ أَكْبَرُ مِنَ الأَوْقَاتِ»، لعله كان يهدف من وضعها، لتكون في مواجهة زائريه، بمثابة لفت أنظارهم إلى ضرورة الإيجاز في الوقت والقول مَعًا، بطريقة مهذبة، إلا أنه من المدهش حقًا أن يستطيع الرجل وحده، أن يقوم بوظيفة المؤذن وفي يده مصباح، وفي وقت واحد، وربما تصور البعض أنه ليس في هذا ما يثير الدهشة. إذ أن أبسط الناس يستطيع القيام بهذا العمل، هذا المتصور يأخذ بأقرب مدلولات الألفاظ إلى الأذهان، أو بمعنى آخر يأخذ بظواهر الألفاظ لا بجوهر معانيها.
إن وظيفة المؤذن بالنسبة لرجل مثل حسن البنا، لا تعني إعلام الناس بأوقات الصلاة، وإنما تعني إيقاظهم من سباتهم الذي طال أمده ليلتفوا حول الداعية الذي يدعوهم إلى الخير، ولم يكن اختيار الرجل لألفاظ الهتاف الذي يحسن أن يردده الإخوان، عَرَضًا،