بل بناء على تفكير وتأمل، لقد اختارت الأحزاب السياسية المحترفة للتهريج، التصفيق والهتاف للزعماء، وهي بذلك قد ارتدت إلى عصور الجاهلية، لكن حسن البنا استبدل عادة الجاهلية بكلمات من القلب يهتز لها الوجدان، فيها ذكر الله، وليس فيها ذكر زعيم ولا غير زعيم من الناس، واختيار حسن البنا لعبارة «اللهُ أَكْبَرُ» ليبدأ بها هتافات الإخوان كان له مغزاه في نفسه، ومغزاه لدى الأتباع أيضًا، بالنسبة له، فهو يؤدي وظيفة المؤذن، والمؤذن إنما يبدأ الأذان الشرعي بعبارة «اللهُ أَكْبَرُ» وبالنسبة للأتباع، فإنهم حين يبدأون الهتاف باسم الله تعالى، لن يجدوا في أنفسهم استعدادًا للهتاف باسم واحد من البشر.
قلتُ: إن وظيفة المؤذن كانت تعني بالنسبة للرجل إيقاظ الناس من سبات طال أمده، وهنا تبدو المهمة الشاقة، فإن إيقاظ قوم نيام، استعذبوا النوم، واسترخوا له، عمل يحتاج إلى مؤهلات خاصة قد لا تتوافر في كثير من الدعاة، الصبر والمصابرة، الاحتمال والتحمل، المرونة وسعة الأفق، الحكمة والسياسة، الدراسة المتأنية للظروف، حسن اختيار الزمان والمكان الناسبين، القدرة على كسب القلوب والعقول معًا. إن كسب القلوب وحدها هو