للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مجال التصوف، وكسب العقول وحدها - هو مجال الفلسفة - والفكرة الإسلامية، أكبر من المجالين.

إذن، فمهمة الإيقاظ مهمة شاقة، وما بعدها أشق منها.

فالمستسلمون لسبات عميق، أكثر استسلامًا للواقع، إذا هم استيقظوا. إن فكرة رفض الواقع المرير لا تخطر ببال أحد منهم. وإن التفكير في التغيير أمر لا تقبله عقولهم، ولا تستقبله أذهانهم، لأن فلسفتهم التي اقتنعوا بها هي: ليس في الإمكان أبدع مما كان. لقد أقنعهم سلوك الزعماء السياسيين، بالاطمئنان إلى الحاضر، واليأس من المستقبل. مع أن الحاضر مزيج من الهوان والضياع.

وقبل أن يبدأ حسن البنا مهمته - مارس ١٩٢٨ - كمؤذن بين الناس - وقد عرفنا أوضاعهم - لم يغب عن ذهنه ثقل المهمة، ومع ذك أقدم ومعه في يده مصباحه، وفي داخله إيمانه بالله، وثقته المطلقة به، كان الإيمان والثقة مصدرًا لعزيمة صادقة لا تقبل التردد وترفض اليأس.

كان التفكير أن تبدأ المهمة - مهمة الدعوة إلى الله - من المسجد، لكن حسن البنا رأى المساجد وحدها لا تكفي لإيصال تعاليم

<<  <   >  >>