للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو، "ص ع ع ص ص"، وما يأتي بعده بداية لمقطع جديد، "مع العلم أن "ص ع ع ص"، "ص ع ص ص"، لا يكونان في وسط الكلام، إلا في اللهجات العامية فقط".

وسيجد الباحث أن الأساس الذي يمتنع عليه أن يتجاوز الحرفان، إنما هو المخارج! فانظر إلى الجدول الذي سبق، وستجد أن كل حرف أسناني المخرج لا يميل إلى أن يجاور نفسه، ولا حرفا له نفس المخرج إلا قليلا، ويشمل ذلك "ض د ط ت ز ص س ظ ذ ث"، فإن قلت: فما تقول في "تذليل"، التي يجتمع فيها التاء والذال متجاروتين، فالرد على ذلك أننا ندرس الكلمة خالية من الملحقات والزوائد، ويمكن أن يقال نفس الشيء عن "خ - غ - ك - ق"، إذا توسعنا في مدلول "طبقي" إلى ما يشمل ما كان مخرجه اللهاة التي هي نهاية الطبق، وكذلك عن "ب م وف"، إذا توسعنا في مدلول "الشفوي" إلى ما يشمل الفاء، وهي شفوية أسنانية، وعن "ع ح هـ د"، إذا توسعنا في مدلول الحلق إلى ما يشمل الحنجرة، وهلم جرا.

يقول السيوطي١: "قال ابن دريد في الجمهرة: اعلم أن الحروف إذا تقاربت مخارجها، كانت أثقل على اللسان منها إذا تباعدت؛ لأنك إذا استعملت اللسان في حروف الحلق، دون حروف الفم ودون حروف الذلاقة كلفته جرسا واحدا، وحركات مختلفة، ألا ترى أنك لو ألفت بين الهمزة والهاء والخاء، فأمكن لوجدت الهمزة تتحول هاء في بعض اللغات لقربها منها، نحو قوله في أم والله هم والله، وقالوا في أراق هراق، ولو وجدت الهاء في بعض الألسنة تتحول، وإذا تباعدت مخارج الحروف حسن التأليف.

قال: واعلم أنه لا يكاد يجيء في الكلام ثلاثة أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة، لصعوبة ذلك على ألسنتهم".

ويروى السيوطي عن الشيخ بهاء الدين، صاحب عروس الأفراح أن رتب الفصاحة متفاوتة، فإن الكلمة تخف، وتثقل بحسب الانتقال من حرف إلى حرف


١ المزهر ص١١٥.

<<  <   >  >>