للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بشكلهما كما دلت على الحدث والزمان، هذا ما يمكن أن يقال في مدى تطبيق النحاة لمقولة الجوهر في تفكيرهم اللغوي.

وأما الكم، فواضح أن النحاة، والقراء ربما عرفوا أن المدة "durtion" التي

يستغرقها نطق صوت من الأصوات، لا تتناسب طردا ولا عكسا مع كميته الطولية 'Quantity"، ومع هذا أصروا على خلق وحدات طولية فكرية في دراسة الأصوات العربية، فالحرف المشدد بحرفين، وإن قصرت مدته عن مدة الحرف المفرد في بعض النطق، والفتحة نصف الألف اللينة في نظرهم، إذا كانت كتلك القصيرة المدة التي في آخر "منى" من قولنا "منى النفس١"، والتفكير المنطقي هنا واضح كل الوضوح، وعلى الأخص إذا عرفنا أن بعض التجارب الآلية، التي قمت بها على لهجة عدن، قد برهنت إلى درجة تعزز ملاحظتي الخاصة تعزيزا كاملا، على أن الصوت لا مفرد الأخير الساكن في الكلام أطول من نظيره المشدد في الوسط من جهة المدة، وإن كان أقصر منه من جهة الكم.

وخطر هذا التقسيم يتضح في الصرف بصفة خاصة، حيث تقوم الكمية في الحروف بدور القيمة الخلافية، التي تفرق بين معاني الكلمات، كما يبدو ذلك في التفريق من جهة المعنى بين "عَبَدَ" و"عبَّد" و"ضرب" و"ضربا" وما أشبهها من الموازنات، ولست بذلك أريد أن أهجن الاعتماد على الكمية في دراسة الحروف، كما يعتمد على المدة في دراسة الأصوات، على العكس. إن النظرة اللغوية الحديثة تحتم اعتبار الكمية في الفونولوجيا "التشكيل الصوتي"، كما تحتم اعتبار المدة الفوناتيك "الأصوات"، ولكن أريد أن أنبه إلى الصلة بين مقولة الكم، وبين التفكير في كمية الحرف، كما فهمها النحاة والقراء القدماء.

ويتضح تطبيق مقولة الكيف من نسبة كيفيات استعدادية لبعض الأفعال الثلاثية، ولبعض الأسماء وفي تسمية بعض الحروف، فمن أسماء أنواع الأفعال


١ راجع دراسة الكمية والمدة في منهج التشكيل الصوتي.

<<  <   >  >>