للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنها وقعت موقعه، وتقوم الكملة الثانية بدرو آخر، والثالقثة بوظيفة ثالثة، وهلم جرا، فالإعراب إذًا فرع المعنى الوظيفي، لا المعنى المعجمي، ولا المعنى الدلالي، وأظننا قد فرقنا بين هذه المعاني الثلاثة في مكان سباق من هذا الكتاب، ومن هنا كان قول النحاة صوابًا، وكان تطبيقهم خاطئًا.

ولا يمكن أن تقوم دراسة نحوية صحيحة، دون أن يدخل في منهجها علم الأصوات، وعلم التشكيل الصوتي، وعلم الصرف، والباب الذي لا يستغنى عنه من علم التشكيل في الدراسة النحوية هو باب الموقعية؛ لأن النحو مليء بالسلوك الموقعي للكلمات، أي أن الموقع يتحكم إلى حد كبير في الإعراب، وما يدل عليه من حركات وعلامات، ألست ترى موقعية واضحة في كسر آخر فعل الأمر في "اضرب الولد"، وآخر المضارع في "لم أضرب الولد"، مع أن الأول مبني على السكون من الناحية التقسيمية، والثاني مجزوم؟ فالموقعية هنا، أو على وجه التحديد موقعية التقاء الساكنين، هي التي اقتضت الحركة الأخيرة في الفعلين، وقد سبق أن شرحنا الدور الذي يلعبه التنغيم في التفريق بين التقرير والنفي، هذا مثال من أمثلة كثيرة جدا على ضرورة الإحاطة بالأصوات، والتشكيل الصوتي في أية دراسة نحوية، ولقد كان النحاة القدماء هم واضعي علم القراءات، فساعدتهم معرفتهم بالقراءة والأصوات التي فيها على أن يأتوا في النحو بما أتوا به.

أما الصرف، ومدى ارتباطه بالنحو، فدليله أن النحاة القدماء لم يفصلوا بين منهجيهما في التناول، ويكفي أن تنظر مثلا إلى ألفية ابن مالك، ثم تحاول أن تفصل فيها بين أبواب النحو وأبواب الصرف، وأنا واثق أن الأمر سيتطلب منك تفكيرًا عميقًا، وأنك ستجد بعض الأبواب مستعصية على الإضالة إلى هذا المنهج أو ذاك، لاختلاط المنهجين فيها.

وهذه المناهج الأربعة "الأصوات، والتشكيل، والصرف، والنحو"، هي ما يطلق عليه في مجموعة اسم الجراماطيقا "Grammar"، فمن قال: إنني أدرس اللهجة

الفلانية من جهة الجراماطيقا، والأصوات، أو الجراماطيقا

<<  <   >  >>