والتوافق بين المسند والمسند إليه في التذكير والتأنيث، مطرد فيما إذا وقع الفعل في جملة الخبر، نحو "هند قامت"، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} ، فتقدم المذكر أو المؤنث، أو ما في حكمه يقتضي التوافق التام في التذكير والتأنيث بينهما، وبين الفعل الواقع في جملة الخبر، وكذلك إذا تأخر المسند إليه فكان فاعلا، أو نائب فاعل، مؤنثا تأنيثا حقيقًا، غير منفصل عن الفعل، سواء كان مفردًا أو جمعًا، نحو "قامت فاطمة"، "وقامت الهندات"، فإذا فقد شرط من ذلك، بأن كان المؤنث المتصل بالفعل مجازيًا، أو جمعًا أو فصل بينه وبين فعله بغير إلا، فتأنيث الفعل أرجح، نحو "طلعت الشمس"، و"جمع الشمس والقمر"، و"قام أو قامت الزيود"، و"كيف كان عاقبة المكذبين"، و"قام أو قامت اليوم هند"، و"إن امرأ غيره مكن واحدة"، أما إذا كان الفصل بإلا، فتذكير الفعل أرجح نحو "ما قام إلا هند".
وصفة الاسم، والحال منه يذكران لتذكيره، ويؤنثان لتأنيثه، أما الأعداد من ثلاثة إلى تسعة، فالبعكس، وهذه القاعدة التي تقرر صلة العدد بالمعدود في التذكير والتأنيث، تكشف تماما عن التباين بين وجهتي النحو، والمنطق العلمي في علاج التذكير والتأنيث، والذكورة والأنوثة.
٢- العدد:
وقد ذكرنا أن المقصود بالعدد الإفراد والتثنية والجمع، وفكرة التقسيم إلى مفرد ومثنى، ومجموع فكرة اعتباطية لغوية إلى أقصى حد، فليس هناك أي سبب منطقي لجعل العدد "واحد" طبقة خاصة، واختصاص "الاثنين" بطبقة أخرى، ثم حشد جميع الأعداد بعد ذلك في طبقة ثالثة هي الجمع، والعدد، كالتذكير والتأنيث، ليس إلا عادة نحوية صرفية من عادات اللغة، وكما لا تعقد الصلة بين التذكير والتأنيث، وبين الذكورة والأنوثة، لا تعقد كذلك بين الإفراد والتثنية والجمع، وبين الأعداد والأرقام الحسابية، ونحن نستعمل الأرقام في الحساب، والرياضة، وفي عد الفقرات والصفحات، وهلم جرا، وليس كذلك استعمالنا