للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي تحث على صلة الرحم ويردد قول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه "ليس الواصل بالمكافي" لقد أوذي في حياته ممن هم دونه ولكنه صمد صابرا صافحا مسامحا وعاش حياته كذلك، ثم خرج منها سليم الصدر رفيع المكانة لم يستطع إنسان أن ينال من مكانته وقدره محبوبا مرهوب الجانب لأنه كان صادقا فيما يقول ويفعل. فأجمع الناس _ بحمد الله _ على محبته.

وكان ر يزداد كل يوم إلا عزة ورفعة وكان كثيرا ما يردد: أخشى أن يكون ما أنا فيه استدراج من الله لي فأنا كل يوم في نعمة جديدة. ثم تختلج الكلمات بين شفتيه وهو يكاد يبكي كانت مجالسه عامرة بذكر الله والحث على التواصي بالخير والزهد في الدنيا والتقليل من شأنها والتحسر على ما وصلت إليه حالة المسلمين اليوم من فقدان الموالاة في الله المعاداة فيه. وكان يروي وقائع في هذا المجال تكاد تكون مستحيلة الوقوع لبعد حاضرنا عنها. كان يعلمنا الإخلاص في العمل ويقول: أخلصوا في أداء ما أنيط بكم من أعمال تفوزوا برضاء الله تعالى وحسن توفيقه إنكم مسؤولون عن أعمالكم فراقبوا الله في أدائها على النحو الذي يرضيه أن ما يعطى لكم من هذا المال كمرتب لقاء أعمالكم لا تستحلوه حتى تقوموا بها كاملة ترضي الله.

واشتد به مرضه وكان يتنقل على الكرسي ذي العجلات الأربع ويقول: لماذا لا أذهب لعملي؟ والأطباء يؤكدون ضرورة راحته وعرض ما يراد عرضه عليه في فراشه وهو يقول: هذا مستحيل لا بد من القيام بعملي وكيف يحل لي تركه وأنا أستطيعه؟ وكانت تقوم محاولات عنيفة تنتهي غالبا بهزيمتنا ونصائح الأطباء أمام عزيمته القوية وينقل إلي مقر عمله وهو يحمل آثار المرض رضي الله عنه وأرضاه.

وكان يحمل على الدنيا ويقلل من شأنها وتحذر من الاغترار بها وينحي باللائمة على من يكنزون أموالهم ويقول: لا تنفعهم فهي وبال عليهم في الدنيا والآخرة. وقال لأكثر من واحد من جلسائه: انه يتضايق إذا علم بوجود نقود تفيض عن حاجته لديه

<<  <   >  >>