للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاهتدى فهو بما ملك من ذلك حتى كان في هداه ما لم يكن الله علمه فيه، وأن من شرح صدره للإسلام فهو بما فوض إليه قبل أن يشرحه الله له، وأنه إن كان مؤمنا فكفر فهو مما شاء لنفسه وملك من ذلك لها وكانت مشيئته في كفره أنفذ من مشيئة الله في إيمانه بل أشهد أنه من عمل حسنة فبغير معونة كانت من نفسه عليها وأن من عمل سيئة فبغير حجة كانت له فيها وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وأن لو أراد الله أن يهدي الناس جميعا لنفذ أمره فيمن ضل حتى يكون مهتديا، فقلتم بمشيئته شاء لكم تفويض الحسنات إليكم وتفويض السيئات ألقي عنكم سابق علمه في أعمالكم، وجعل مشيئته تبعا لمشيئتكم، ويحكم فوالله ما أمضى لبني إسرائيل مشيئتهم حين أبوا أن يأخذوا ما آتاهم بقوة حتى نتق الجبل فوقهم كأنه ظلة، فهل رأيتموه أمضى مشيئته لمن كان في ضلالته حين أراد هداه حتى صار إلى أن أدخله بالسيف إلى الإسلام كرها بموضع علمه بذلك فيه أم هل أمضى لقوم يونس مشيئتهم حين أبوا أن يؤمنوا حتى أظلهم العذاب فآمنوا وقبل منهم ورد على غيرهم الإيمان فلم يقبل منهم وقال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} ١، أي


١ الآية ٨٤- ٨٥ من سورة غافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>