للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} ١، وقوله تعالى: {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} ٢. ونحو ذلك قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} ٣.

فإن الاستطاعة المنفية هنا -سواء كان نفيها خبرا أو ابتداء- ليست هي الاستطاعة المشروطة في الأمر والنهي فإن تلك إذا انتفت انتفى الأمر والنهي والوعد والوعيد، والحمد، والذم، والثواب والعقاب، ومعلوم أن هؤلاء في هذه الحال مأمورون منهيون، موعودون متوعدون، فعلم أن المنفية هنا ليست المشروطة في الأمر والنهي المذكورة في قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ٤.

فاعتقدت القدرية أن الاستطاعة المشترطة للفعل تكفي في حصول الفعل، وأن العبد يحدث مشيئته وهو مستغن عن الله حين الفعل فأخطأوا


١ الآية ١٠١ من سورة الكهف.
٢ الآية ٢٠ من سورة هود.
٣ الآيتان ٨-٩ من سورة يس.
٤ مجموع الفتاوى ٨/٢٩١، والآية ١٦ من سورة التغابن.

<<  <  ج: ص:  >  >>