للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتستوقفنا هنا عبارة «السنّة العادلة»، وقد وردت هذه العبارة كمصطلح في كتاب التحكيم بين علي ومعاوية-الذي ذكر قبل-وهو بحسب نصّ الجاحظ «. . وما لم نجده في كتاب الله مسمّى فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة فيما اختلفنا فيه»، وقد وردت العبارة هناك مرّتين [١]. كما نقل عن عمر بن عبد العزيز قوله في آخر خطبة له في خناصرة: «ولكنه من الله عزّ وجلّ كتاب ناطق وسنّة عادلة دلّ فيهما على طاعته ونهى عن معصيته» [٢].

ولا بدّ هنا من الوقوف عند مفهوم «السنّة» أولا، الذي يتكرر كثيرا-كما مرّ معنا-في الخطاب «الايديولوجي» منذ القرن الأوّل. وقد بيّن M .Bravmann في دراسة له حول استخدام هذا المصطلح في القرن الاسلامي الأوّل [٣]، أنه يعني كلّ عمل أو فعل استنه الرسول، ومورس من بعده بشكل دائم فأصبح ملزما للجماعة.

وقد يكون هذا العمل كان شائعا قبل البعثة النبوية «كسنّة» سابقة إلا أن تبنيه من قبل الرسول جعله سنّة إسلامية [٤]، كما قد يكون هذا العمل من سنّة الخلفاء بعده، «فالسنة» إذا هي مجموعة أعراف أو عادات (Consuetudo) الجماعة التي غدت متّبعة وملزمة. [٥] (Statutum) وهذا المصطلح هو مصطلح عربي استخدم منذ ما قبل


[١] مجموعة الوثائق السياسيّة لحميد الله ٤٠١؛ ولم يرد في نص الدينوري الذي ذكره حميد الله-سوى «. . . سنّة رسول الله الجامعة (ص ٣٩٧)؛ وعند البلاذري «. . . السنة العادلة الحسنة الجامعة غير المفرّقة»، وفي المرة الثانية «. . . بالسنّة الجامعة غير المفرّقة» (ص ٤٠١)؛ ووردت العبارة مرّة واحدة في نص اسماعيل التيمي بصيغة «. . . فالسنّة العادلة تجمعها» (ص ٤٠٢).
[٢] تاريخ الطبري ٦/ ٥٧١ (-٢/ ١٣٦٩)؛ والوثائق السياسية (العصر الأموي) لمحمد ماهر حمادة ٤٢٢.
[٣] Early Islam,pp .٣٢١ - ٤٩١. M .M .Bravmam,"Sunnah and Related Concepts",in :The Spiritual Background of
[٤] op .cit .٥٧١.
[٥] op .cit .٧٦١ f .

<<  <   >  >>