للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاسلام وكان يستخدم كذلك بمعنى «سيرة» [١]، إلا انه تميّز في الاسلام كمصطلح ارتبط بأعراف الجماعة الاسلامية الأولى وعاداتها منذ زمن مبكر، وهو يدحض بذلك نظرية شاخت التي قال فيها ان هذا المصطلح أسس على اعتبارات عقائدية متأخرة [٢].

يبدو لي إذن أن الدعوة إلى «سنة رسول الله» من قبل الأطراف المعارضة كانت تعني الرغبة في تصحيح السياسة الامويّة التي استنّت أعراف وتقاليد جديدة لم تكن الجماعة الاسلامية الأولى قد تعارفت عليها؛ ومن ذلك مثلا، قسمة الفيء، وتجمير البعوث اللذين يتكرران بالحاح في هذا الخطاب المعارض، وغيرها من التفاصيل التي أخذت عليهم كتأخير الصلاة وإطالة الخطبة، والخطبة جلوسا الخ. غير أنّ فهم هي «السنة» كان خاضعا كذلك لاعتبارات اجتهادية خاصة بكل «جماعة» من الجماعات، فقد اختلف المسلمون الاوائل في أمور من السنّة كالمسح على الخفّين ورفع اليدين في الصلاة، مثلا، وزواج المتعة وحدّ شارب الخمر، وعلى أمور أخرى ذات طبيعة سياسية، كتولية الامام وشروط الإمامة إلى غير هذا من المسائل المهمة.

ولهذا كلّه يبقى هذا المصطلح غير واضح تماما وخاضعا للتأويل والاجتهاد الدائم.

أمّا الاختلاف الثاني في نصّ البيعتين فهو ما يرد في رواية أبي الفرج الاصفهاني من الدعوة «إلى الرضا من آل محمد»، وهو أمر يبدو مستغربا إذ كانت هذه الدعوة هي دعوة الفئات المعارضة للأموييّن، الذي اعتبر اجتماع الأبواء تاريخا فاصلا لانتظامها سويا في إطار الدعوة الهاشمية بفرعيها العلوي والعباسي [٣]، وباسمها


[١] انظر الآن M .Jarrar,op .cit .:
[٢] M .Bravmann,op .cit .٣٢١ f .
[٣] انظر في اجتماع الأبواء ص ٢٨ فيما تقدم.

<<  <   >  >>