للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سياسات الدول الكبرى الأعضاء, حتى تَمَّ تشريد الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيه من ديار آبائه وأجداده.

والحقيقة أن الإعلان -على ما فيه من مبادئ زاهية وكلمات براقة, كما أسلفنا- لم يستطع أن يغير شيئا من النظرة التقليدية للغرب إزاء الشعوب العربية والإسلامية، وهو ما ذهب إليه المفكر فيليب حتى في كتابه "تاريخ العرب" حيث قال: "من سوء الحظ فإن موقف الغرب, وخصوصا خلال العقدين الأخيرين لم يكن يتجه لخير هذه المنطقة، حيث يوجد تناقض واضح بين المبادئ الإنسانية التي عبر عنها "بعض" المستشرقين الغربيين، والأساتذة، والدعاة, وبين الإهمال للقيم الإنسانية التي وسمت تصرفات الساسة، والقادة العسكريين, الذين ركزوا اهتمامهم على الأهداف الوطنية والاقتصادية لبلادهم. إن سلوك من يسمون أنفسهم بالدول الصناعية المتقدمة، في مرحلة ما بين حربين عالميتين، انفجرتا على نطاق غير مسبوق في تاريخ الإنسان، وإن قدرة الرجل الغربي على إطلاق قوى شيطانية من عقالها، هي ثمرة لتفوقه العلمي وآلاته، وهي القدرة التي باتت تهدد العالم كله بالدمار الشامل، وإن تدخل القوى الأوروبية في الشرق الأوسط، وخصوصا سياستهم في قضية فلسطين، قد جعل إيجاد تقارب عقلي مع الغرب يفقد الأمل تماما" ومضى البرفيسور فيليب حتى للقول: "إن أعمال الغرب قد أدت لعزل المواطن العربي، وزعزعت ثقته في أخلاق الرجل الأوروبي، سواء في النطاق الخاص أو العام".

إن كل هذه العوامل قد أدت لبروز تيار دولي واسع ينادي بضرورة إعادة النظر في المواثيق الدولية السابقة، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ لضمان حرية الفرد وكرامته فعلا لا قولا، وبناء علاقات اجتماعية متوازنة، توجه التنمية نحو إسعاد الإنسان وليس خلق مناخات جديدة للاستغلال والاحتكار، وقد عكس التقرير النهائي لمؤتمر "قمة التنمية الاجتماعية" الذي نظمته الأمم المتحدة في كوبنهاجن عام ١٩٩٥م، قرارات وتوصيات بهذا المعنى، كذلك تضمن تقرير اللجنة الدولية الخاصة "بالأخلاق والجوانب

<<  <   >  >>