للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا لكمال حياتهم وكما فهم فِي ازْدِيَادٍ مِنْ قُوَّةِ الشَّبَابِ

وَنَضْرَةِ الْوُجُوهِ وَحُسْنِ الْهَيْئَةِ وَطِيبِ الْعَيْشِ وَلِهَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُمْ لَا يَنَامُونَ لِئَلَّا يَشْتَغِلُوا بالنوم عن الملاذ والحياة الهنية، جعلنا الله منهم قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

{لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيم} . [٤٤- الدخان-٥٦] .

وَقَالَ تَعَالَى:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَملوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِردَوْس نُزُلاً خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} . [١٨- الْكَهْفِ- ٥٦] .

أَيْ لَا يَخْتَارُونَ غَيْرَهَا، بَلْ هُمْ أرغب شيء فيها، وَلَيْسَ يَعْتَرِيهِمْ فِيهَا مَلَلٌ وَلَا ضَجَرٌ، كَمَا قد يسأم أهل الدنيا بعض أحوالهم، وإن كانت لذيذة.

وما أحسن ما قال فيها الشعراء، وفصحاء الأدباء:

فحلت سويدا الْقَلْبِ لَا أَنَا بَاغِيًا ... سِوَاهَا وَلَا عَنْ حالها أتحولُ

ولقد تَقَدَّمَ حَدِيثُ ذَبْحِ الْمَوْتِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَأَنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ: "يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، كُلٌّ خَالِدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ": وَقَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَيُنَادَى مَعَ ذَلِكَ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تصحوا فلا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تبأسوا أبداً، قال: ينادى بهذه الأربع".

<<  <  ج: ص:  >  >>