وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} ذلك عند نزول عيسى ابن مريم، وإنه الْآنَ حَيٌّ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ إِذَا نَزَلَ آمنوا به أجمعين رواه بن جَرِيرٍ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} فَقَالَ: قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى إِنَّ اللَّهَ رَفَعَ إليه عيسى وَهُوَ بَاعِثُهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَقَامًا يُؤْمِنُ به البر والفاجر، وهكذا قال قتادة بن دعامة وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا سَيَأْتِي مَوْقُوفًا وَفِي رِوَايَةٍ مَرْفُوعًا والله تعالى أعلم.
والمقصود مِنَ السِّيَاقِ الْإِخْبَارُ بِحَيَاتِهِ الْآنَ فِي السَّمَاءِ وليس كَمَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ الْجَهَلَةُ أَنَّهُمْ صَلَبُوهُ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ السماء قبل يوم القيامة كما دخلت عليه الأحاديث المتواترة مما سبق في أحاديث الدجال ومما سيأتي أيضاً وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الذي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.
وقد روي عن ابن عباس وغيره أنه أعاد الضمير في قوله قبل موته على أهل الكتاب، وذلك لو صح لكان منافياً لهذا، ولكن الصحيح من الْمَعْنَى وَالْإِسْنَادِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي كتاب التَّفْسِيرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.