فإنه حديث غريب كما ذكره الترمذي رحمه الله، وَيُحْمَلُ مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الرِّجَالَ إِنَّمَا يَشْتَهُونَ الدُّخُولَ فِي مِثْلِ صُوَرِ الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ إنما يشتهين الدخول في مثل صور النِّسَاءُ، وَيَكُونُ مُفَسَّرًا بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ الشَّكْلُ والهيئة، والبزة وَاللِّبَاسُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ:
"فَيُقْبِلُ ذُو الْبِزَّةِ الْمُرْتَفِعَةِ فيلقى من دونه، فَيَرُوعُهُ مَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ اللِّبَاسِ وَالْهَيْئَةِ فَمَا يَنْقَضِي آخِرُ حَدِيثِهِ حَتَّى يَتَمَثَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أن يحزن فيها".
هذا الحديث: إِنْ كَانَ قَدْ حَفِظَ لَفْظَ الْحَدِيثِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ فَإِنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَارِثِ، وَهُوَ أَبُو شَيْبَةَ الْوَاسِطِيُّ، وَيُقَالُ الْكُوفِيُّ رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَخَالِهِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وعن جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن إدريس، وهشام.
قال الإِمام أحمد: ليس بشيء، وهو مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَكَذَّبَهُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فِي أَحَادِيثَ رَفَعَهَا، وَكَذَلِكَ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدِ اسْتَقْصَيْتُ كلامهم فيه مفصلاً في التكميل، فلله الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَمِثْلُ هَذَا الرَّجُلِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ، وَلَا سِيَّمَا هَذَا الْحَدِيثُ، فَإِنَّهُ مُنْكَرٌ جِدًّا، وَأَحْسَنُ أَحْوَالِهِ أَنْ يكون قد سمع شيئاً ولم يفهمه جيداً، وعبر عَنْهُ بِعِبَارَةٍ نَاقِصَةٍ، وَيَكُونُ أَصْلُ الْحَدِيثِ كَمَا ذكرنا من رواية ابن أبي الحرير الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute