فبينما هم يوماً يتحدثون في ظلها، إذا جَاءَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَقُودُونَ نَجَائِبَ مِنَ الْيَاقُوتِ، قَدْ نُفِخَ فِيهَا الرُّوحُ، مَزْمُومَةً بِسَلَاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ، وجوهها المصابيح، عليها رحائل ألواحها من الدر والياقوت، مفصصة باللؤلؤ والمرجان صفاقها من الذهب الأحمر، الملبس بالعبقري والأرجوان، فأناخوا إليهم بتلك النجائب، وقالوا لهم: إن ربكم يُقْرِئُكُمُ السَّلَامَ، وَيَسْتَزِيرُكُمْ، لِيَنْظُرَ إِلَيْكُمْ، وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، وتحيوه، ويحييكم، وتكلموه، ويزيدكم من سعة فَضْلِهِ، إِنَّهُ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ، وَفَضْلٍ عَظِيمٍ.
فيتحول كل رجل منهم إلى راحلته، ثم ينطلقون صفاً واحداً معتدلاً، لا يفوت منه أحد أحداً، ولا تفوت أذن الناقة أذن صاحبتها، ولا ركبة الناقة ركبة صَاحِبَتِهَا وَلَا يَمُرُّونَ بِشَجَرَةٍ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ إلا أتحفتهم بثمرتها، ورحلت لهم عن طريقهم، كراهة أن ينثلم صفهم، أو يفرق بين الرجل ورفيقه. فإذا رفعوا إلى الجبار أَسْفَرَ لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمُ وَتَجَلَّى لَهُمْ في عظمة العظيم وقالوا: رَبَّنَا أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، وَلَكَ حَقُّ الجلال والإِكرام فيقول لهم ربهم عز وجل: إني السَّلَامُ وَمِنِّي السَّلَامُ، وَلِي حَقُّ الْجَلَالِ والإِكرام، مَرْحَبًا بِعِبَادِي الَّذِينَ حَفِظُوا وَصِيَّتِي، وَرَعَوْا حَقِّي، وخافوني بالغيب فكانوا مِنِّي عَلَى كُلِّ حَالٍ مُشْفِقِينَ.