للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: يقوم ملك عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، يُنَادِي: "أَيَّتُهَا الْعِظَامُ البالية، والأوصال المتقطعة، إن الله يأمركم أن تجتمعوا لفصل القضاء وعن قتادة قال: "لا يغيرعن أَهْلِ الْقُبُورِ عَذَابُ الْقَبْرِ إِلَّا فِيمَا بَيْنَ نَفْخَةِ الصَّعْقِ وَنَفْخَةِ الْبَعْثِ".

فَلِذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ حِينَ يُبْعَثُ: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} يَعْنِي تِلْكَ الْفَتْرَةَ فَيَقُولُ لَهُ الْمُؤْمِنُ: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} .

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ بَكْرٍ السَّعْدِيُّ: حَدَّثَنِي مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ. قَالَ: كَانَ أبو محكم الْجَسْرِيُّ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ وَكَانَ حَكِيمًا وَكَانَ إِذَا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:

{ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:٥١] .

بكى ثم قال: إن القيامة ذهبت فطاعتها بِأَوْهَامِ الْعُقُولِ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ الْقَوْمُ فِي رَقْدَةٍ مِثْلِ ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ، لَمَا دَعَوْا بِالْوَيْلِ عِنْدَ أَوَّلِ وَهْلَةٍ مِنْ بَعْثِهِمْ، وَلَمْ يوقفوا بعد موقف عرض، ولا مسألة إلا وقد عاينوا خطراً عظيماً، وحقت عليهم القيامة بالجلائل من أمرها، ولكن كانوا في طول الإِقامة في البرزخ يألمون ويعذبون في قبورهم، وما دَعَوْا بِالْوَيْلِ عِنْدَ انْقِطَاعِ ذَلِكَ عَنْهُمْ، إِلَّا وَقَدْ نُقِلُوا إِلَى طَامَّةٍ هِيَ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَلَوْلَا أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى ذَلِكَ لَمَا اسْتَصْغَرَ القوم ما كانوا فيه فسموه رقاداً، وإن في القرآن لدليلاً على ذلك.

{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّة الْكُبْرَى} [النازعات:٣٤] .

قَالَ: ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>