للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَقَالَ تَعَالَى:

{سَألَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِع لِلْكَافِرِينَ لَيس لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ فِي الْمَعَارِج تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَروْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً} [الْمَعَارِجِ:١-٧] .

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّفْسِيرِ اخْتِلَافَ السَّلَفِ والخلف في هَذِهِ الْآيَةِ، فَرَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وغيره، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {ِفِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} قال: "هو بُعد مَا بَيْنَ الْعَرْشِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ" قال ابن عباس: وقوله: {ِفِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} قال: هو بُعد مَا بَيْنَ الْعَرْشِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ. قال ابن عباس وقوله:

{فِي يَوْم كَانَ مِقْدَارهُ ألْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة:٥] .

يَعْنِي بِذَلِكَ نُزُولَ الْأَمْرِ مِنَ السماء إلى الأرض وصعوده من الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، لِأَنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا، وَذَهَبَ إِلَيْهِ الْفَرَّاءُ، وَقَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، قَالَ الْحَلِيمِيُّ: والملك يَقْطَعُ هَذِهِ الْمَسَافَةَ فِي بَعْضِ يَوْمٍ، وَلَوْ أنها مسافة يمكن أن تقطع لم يتمكن أحد من مسيرها إِلَّا فِي مِقْدَارِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَقْدِيرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِسَبِيلٍ، ورجح الحليمي هذا بقوله:

{مِنَ اللَهِ ذِي الْمَعَارِج}

يعني العلو والعظمة كما قال تعالى:

{رَفِيعُ الدَرَجَاتِ ذو الْعَرْش} .

<<  <  ج: ص:  >  >>