للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَافِرُ فَيُطْعِمُهُ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُوَافِيَ الله وليس له حسنة يجزى بها، وقد اختار الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ أَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يُوَافِي بصدقة وصلة رحم فيخفف بها عنه من العذاب، واستشهد بقضية أبي طالب حين جعل فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ، وفي هذا نظر، وقد يكون هذا خاصاً به خلصه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب نصرته له، وقد استدل القرطبي على ذلك بقوله تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْم الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} . [٢١- الْأَنْبِيَاءِ- ٤٧] .

قُلْتُ: وَقُصَارَى هَذِهِ الْآيَةِ الْعُمُومُ فَيُخَصُّ مِنْ ذَلِكَ الْكَافِرُونَ، وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بن جدعان، وذكر أنه كان يقري الضيف، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُعْتِقُ، فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ? قَالَ: لَا، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَقدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} . [٢٥- الفرقان- ٢٣] .

وقال: {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيئَاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّه سَرِيعُ الحِسَابِ} . [٢٤-النور- ٣٩] .

وقال: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَزوا بِرَبهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ في يَوْم عَاصِفٍ} . [١٤- إبراهيم- ١٨] . الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>