للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا بُطِحَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، فتطأه بِأَخْفَافِهَا كُلَّمَا مَرَّتْ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا" ١.

وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَعَ الْآيَاتِ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى حشر الحيوانات كلها..

وقد تقدم في حديث الصور: "فَيَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ خَلْقِهِ، إِلا الثَّقَلَيْنِ الإِنس وَالْجِنَّ، فَيَقْضِي بَيْنَ الْوُحُوشِ وَالْبَهَائِمِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُقِيدُ الْجَمَّاءَ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ، حَتَّى إِذَا فرغ من ذلك، فلم يبق لواحدة عند أخرى حق، قَالَ اللَّهُ لَهَا: كُونِي تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً".

وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا هَارُونُ بن عبد الله، حدثنا سيار، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ يقول، أَنَّ الْبَهَائِمَ إِذَا رَأَتْ بَنِي آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ تَصَدَّعُوا مِنْ بَيْنِ يَدَيِ اللَّهِ صنفاً إلى الجنة، وصنفاً إلى النار، نادت: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَا بَنِي آدَمَ الَّذِي لَمْ يجعلنا اليوم مثلكم، فلا جنة مرجوة، ولا عقاب يخاف.

وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ٢ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى عِنْدَ قَوْلِهِ الْمُقْسِطُ الْجَامِعُ قال: وفي خبر: أن الْوُحُوشِ وَالْبَهَائِمِ تُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَتَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: لَيْسَ هَذَا يَوْمَ سُجُودٍ، هذا يوم الثواب والعقاب، فتقول لِلْبَهَائِمِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَحْشُرْكُمْ لِثَوَابٍ وَلَا لِعِقَابٍ وَإِنَّمَا حَشَرَكُمْ تَشْهَدُونَ فَضَائِحَ بَنِي آدَمَ، وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهَا إِذَا حُشِرَتْ وَحُوسِبَتْ تَعُودُ تُرَابًا ثُمَّ يُحْثَى بِهَا فِي وُجُوهِ فَجَرَةِ بَنِي آدَمَ قَالَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} . [٨٠- عبس-٤٠] .


١ الحديث رواه مسلم في صحيحه ١٢- ٦-٢٦.
٢ القرطبي في التذكرة ١-٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>