للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انطفأ قام قال: فيمرون على الصراط، كحد السيف، دحض مزلة، فَيُقَالُ لَهُمْ: امْضُوا عَلَى قَدْرِ نُورِكُمْ، فَمِنْهُمْ من يمر كانقضاض الكواكب، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كالطرف، ومنهم من يمر كشد الرحل ويرمل رَمَلًا، فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، حَتَّى يَمُرَّ الذي نوره على إبهام قدمه تخرّيد، وتعلو يد، وتخر رجل، وتعلو رجل، وتصيب جوانبه النار، تقال: فَيَخْلُصُونَ، فَإِذَا خَلَصُوا قَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نجانا منك بعد أن رأيناك، لَقَدْ أَعْطَانَا اللَّهُ مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا، قَالَ مَسْرُوقٌ. فَمَا بَلَغَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا المكان من الحديت إِلَّا ضَحِكَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عبد الرحمن: لقد حدثت هذا الْحَدِيثِ مِرَارًا كُلَّمَا بَلَغْتَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ الْحَدِيثِ ضَحِكْتَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُهُ مِرَارًا، فَمَا بَلَغَ هَذَا الْمَكَانَ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا ضحك، حتى تبدو لهاته، ويبدو آخر ضرس من أضراسه، يقول الإِنسان: أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ? فَيَقُولُ: لا، ولكني على ذلك، ... فضحك ابن مسعود ثم ذكره.

وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا، وَقَالَ البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي مزاحم، حدثنا أبو سعيد المؤذن، عَنْ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

"الصراط كحد الشعرة، وكحد السيف، وإن الملائكة تحجز المؤمنين والمؤمنات، وأن جبريل عليه الصلاة والسلام يحجزني، وَإِنِّي لَأَقُولُ: يَا رَبِّ: سَلِّمْ سَلِّمْ: فَالزَّالُّونَ وَالزَّالَّاتُ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ".

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ سعيد بن زيد، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ بِأَبْسَطَ مِنْهُ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَلَكِنْ يَتَقَوَّى بِمَا قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>