وقال أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: ذَكَرَ النَّارَ فَعَظَّمَ أَمْرَهَا ذكراً لا أحفظه ثم تلا قول اللهّ تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً} . [٣٩- الزمر-٧٣] .
ثم قال: حَتَّى إِذا انْتَهَوْا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَجَدُوا عِنْدَهُ شَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَاقِهَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ، فَعَمَدُوا إِلَى إِحْدَاهُمَا، كَأَنَّمَا أُمِرُوا بِهَا، فَشَرِبُوا مِنْهَا، فَأَذْهَبَتْ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنْ قَذًى، أَوْ أَذًى، أَوْ بَأْسٍ، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى الْأُخْرَى، فَتَطَهَّرُوا مِنْهَا، فَجَرَتْ عَلَيْهِمْ نضرة النعيم، ولم تتغير أشعارهم بعدها أبداً، ولا تشعث رؤوسهم، كأنما دهنوا بالدهان، ثم إِذا انتهوا إلى الجنة، فقال لَهُمْ خَزَنَتُهَا: {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} .
ثم يلقاهم الْوِلْدَانُ: فَيُطِيفُونَ بِهِمْ كَمَا يُطِيفُ وِلْدَانُ أَهْلِ الدنيا بالحميم، يقدمون عليهم فيقولون: أبشر بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ ينطلق غلام من تلك الْوِلْدَانِ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فَيَقُولُ: جَاءَ فُلَانٌ بِاسْمِهِ الَّذِي كَانَ يُدْعَى به في الدنيا، قالت: أنت رأيته? قال: أنا رأيته، وهو ما رآني، فيستخف إحداهن الفرح، حتى يكون، على أسكفة الباب، فإِذا انْتَهَى إِلَى مَنْزِلِهِ نَظَرَ إِلَى أَسَاسِ بُنْيَانِهِ، فإِذا جَنْدَلُ اللُّؤْلُؤِ، فَوْقَهُ صَرْحٌ أَحْمَرُ، وَأَخْضَرُ، وَأَصْفَرُ، مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَى سَقْفِهِ، فإِذا مِثْلُ الْبَرْقِ، ولولا أن الله قدره لذهب بصره، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فإِذا أَزْوَاجُهُ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ، ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، ثم اتكأ فقال:
{الْحَمْدُ اللَّهِ الذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللَّه} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute