للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُجْعَلُونَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النار، في تنانير أصغر من الرخ، يُقَالُ لَهُ جُبُّ الْحَزَنِ، فَيُطْبَقُ عَلَى أَقْوَامٍ بِأَعْمَالِهِمْ آخِرَ الْأَبَدِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَسَنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيِّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، هم في النار، لا يهتدون وَلَا يَنَامُونَ، وَلَا يَمُوتُونَ، يَمْشُونَ عَلَى النَّارِ، يجلسون على النار، وَيَشَرَبُونَ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ، وَيَأْكُلُونَ مِنْ زقوم أهل النَّارِ، لُحُفُهُمْ نَارٌ، وَفُرُشُهُمْ نَارٌ، وَقُمُصُهُمْ نَارٌ وقطران، وتغشى وجوههم النار، وجميع أَهْلِ النَّارِ فِي سَلَاسِلَ بِأَيْدِي الْخَزَنَةِ أَطْرَافُهَا، يجذبونهم مقبلين ومدبرين، فيسيل صديدهم إلى حفير فِي النَّارِ، فَذَلِكَ شَرَابُهُمْ".

قَالَ: ثُمَّ بَكَى وَهْبٌ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، قَالَ: وَغَلَبَ بَكْرَ بْنَ خُنَيْسٍ الْبُكَاءُ حَتَّى قَامَ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَبَكَى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ بُكَاءً شَدِيدًا.

وَهَذَا الْكَلَامُ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيِّ، وَقَدْ كَانَ يَنْظُرُ فِي كُتُبِ الأوائل، وينقل في صحف أهل الكتاب، الغث والسمين، ولكن هذا له شَوَاهِدُ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالدُونَ لاَ يفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مبْلِسُونَ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُم الظَّالِمِينَ وَنَادوْا يَا مَالك لِيَقْض عَلَيْنَا رَبًّكَ قَالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ} . [٤٣-الزخرف- ٧٤-٧٧] .

وقال تعالى:

{لَوْ يَعْلَمُ الَّذينَ كَفَزوا حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَنْ وجُوهِهِمُ النَّارَ وَلاَ عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلاَ همْ يُنَصَرُونَ بَلْ تَأتِيَهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يستطيعُونَ ردها وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ} . [٢١-الأنبياء-٣٩-٤٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>