للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجاب عنه القائلون بوجوب استئذان البكر بعدَّة أجوبة منها:

أولاً: أنَّ الحجّة للقائلين بالإجبار في هذا الحديث إنّما هي في مفهومه، والخلاف في حجِّيَّته وفي عمومه. وممن خالف في حجِّيَّته الحنفيَّة القائلون بعدم الإجبار؟ فلا يحتجّ بمثل هذا عليهم.

وأمّا الخلاف في عموم مفهوم المخالفة فقد قال ابن القيِّم - رحمه الله - في هذا الحديث: وهذا إنّما يدلُّ إذا قلت: إنَّ للمفهوم عمومًا، والصّواب أنّه لا عموم له؛ إذ دلالته ترجع إلى أنّ التخصيص بالمذكور لا بدّ له من فائدة، وهي نفي الحكم عمّا عداه، ومعلوم أنَّ انقسام الحكم إلى ثابت الحكم ومنتفيه فائدة، وأنَّ إثبات حكم آخر للمسكوت عنه فائدة، وإن لم تكن ضدّ حكم المنطوق، وأنَّ تفصيله فائدة"١.

ثانيًا: أنَّ دلالة مفهوم المخالفة لا تقوى على معارضة المنطوق، ومنه قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث "والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها". وفي لفظ آخر: "تستأمر في نفسها". وفي لفظ: "يستأمرها أبوها" كما سبق بيانه٢ وهذا مما يدلّ على أنّ التفريق بين البكر والثيِّب في هذا الحديث إنّما هو في صفة الإذن خاصَّة. وبهذا يتَّفق حديث ابن عباس هذا مع غيره من الأحاديث الصريحة في استئذان البكر، ومنها حديث أبي


١ زاد المعاد (٥/٩٨) .
٢ انظر (ص ١٦٧، ٢٧٩، وما بعدها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>