للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتمال الرَّابع: أنَّ معنى قول ابن عباس رضي الله عنه "تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم" أي في الشهر الحرام أو البلد الحرام، وهي لغة شائعة معروفة، يقال: أنجد وأتهم: إذا دخل نجداً أو تهامة وكذلك يقال لمن هو في الحرم أو في الشهر الحرام مُحْرِمًا، ومنه البيت المشهور:

قتلوا ابن عفان الخليفة مُحْرِماً ... ورعاً فلم أر مثله مقتولاً

وقول الأعشى:

قتلوا كسرى بليلٍ محرماً ... ...

أي في الشهر الحرام، وانتصر لهذا الاحتمال ابن حبّان في صحيحه١.

ولكن في هذا التأويل نظر، فإنَّ ابن عباس قال: "إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تزوّج ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال" وهذا ظاهر الدلالة على أنّه أراد الإحرام بالعمرة لمقابلته بالحلِّ.

ومما يترجّح به حديث عثمان رضي الله عنه أنّه مثبِت لحكم جديد، وهو تحريم نكاح المحرم، بخلاف حديث ابن عباس فإنّه موافق للبراءة الأصليّة، وهي حِلُّ النكاح للمحرم وغيره، والمثبِت مقدَّم على النافي٢.


١ انظر نصب الراية (٣/١٧٣-١٧٤) وشرح النووي (٩/١٩٤) وفتح الباري (٩/١٦٦) وزاد المعاد (٣/ ٣٧٤) .
٢ انظر المحلى لابن حزم (٧/٢٠٠) وزاد المعاد (٣/٣٧٤) وفتح الباري (٩/١٦٦) ونيل الأوطار (٥/١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>