للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واغتصابها لعرش سبأ، ومن ثم فقد أصبح الناس يتعبدون له، كما يتعبدون للموقاة إله سبأ، إلا أن الهمدانيين سرعان ما تنكروا لإلههم هذا، ومن ثم نراهم- كما يقول ابن الكلبي١- يتعبدون وقت ظهور الإسلام لصنم هو "يعوق" كان له بيت في "خيوان"، ويجعلون "تالب ريام" بشرًا زعموا أنه جد همدان، وأن أباه هو "شهران الملك"، ثم زوجوه من "ترعة بنت يازل بن شرحبيل بن سار بن أبي شرح يحصب بن الصوار"، وجعلوا له أولادًا منهم "يطاع" و"يارم"٢، وهكذا لعب الخيال دورًا قد يرضي أهل الأخبار، ولكنه لا يتفق وحقائق التاريخ.

وعلى أي حال، وأيًّا ما كان نسب همدان، فإن "هومل" يقدم لنا "وهب إيل يحز" بعد "ناصر يهأمن"، وقد تابعه في ذلك "فلبي" الذي رأى أن حكمه كان حوالي عام ١٨٠ق. م، ونقرأ في نقش "جلازر ١٢٢٨" إشارات عن حرب دارت رحاها بين "وهب إيل يحز"، وبين الريدانيين بقيادة "ذمار علي" بغية انتزاع عرش سبأ٣، ولعل مما تجدر ملاحظته أن نص "جلازر ١٢٢٨" هذا، إنما يشير، ولأول مرة، إلى مدينة "صنعاء" "صنعو"، والتي سوف يرد اسمها بعد ذلك في نقشي "جام ٦٢٩، ٦٤٤"، ويبدو أنها كانت ضمن أراضي قبيلة "جرت" وعلى مسافة قريبة جدًّا من حدود أرض قبيلة "بتع"٤.

ومن عجب، رغم أن هناك العديد من النصوص التي تشير إلى "وهب إيل يحز"، وإلى حروبه ضد الريدانيين، إلا أنه ليس هناك نص واحد يشير إلى أبيه، مما جعل البعض يذهب إلى أن أباه لم يكن ملكًا من الملوك -أو حتى قيلا من الأقيال البارزين- وإنما كان في غالب الظن واحدًا من عامة الناس، وأن ابنه "وهب إيل يحز" إنما نال ما ناله من قوة وسلطان عن طريق السيف، فربما كان واحدًا من


١ ابن الإكليل: كتاب الأصنام، القاهرة ١٩٦٥ ص٥٧.
٢ الإكليل ٨/ ٦٦، ياقوت ٣/ ١٠٩٠١١٠، ٥/ ٤٣٨، المحبر ص٣١٧، بلوغ الأرب ٢/ ٢٠١ القاموس ٣/ ٢٧٠، تفسير ابن كثير ٤/ ٤٢٦، تفسير أبي السعود ٥/ ١٩٨، تفسير الطبري ٥/ ٣٦٤، تفسير الخازن ٤/ ٣١٤، البكري ٢: ٦٢٠، جواد علي ٢/ ٣٥٤-٣٥٥.
٣ Le Museon, ١٩٦٧, ١-٢, P.٢٧٩
وكذا E. Glaser, Die Abessinier In Arabien Und Africa, P.٦٧
٤ Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٦٠

<<  <   >  >>