للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن كثيرًا من الرواة قد تجرأ عليه بالنحل، إما بنقل شيء من قائل إلى قائل، وأما بوضع شيء منه على ألسنة الشعراء١.

ذلك أنه في عام ١٨٦٤م تناول "تيودور نولدكه" الموضوع لأول مرة، مشيرا إلى الشكوك التي يثيرها مظهر الشعر الجاهلي، وفي عام ١٨٧٢م عاد "إهلوارد" إلى الموضوع مرة أخرى، دون تجديد فيه، وإن عرضه بدقة لم يتوصل إليها سلفه، خرج منها إلى أن عددًا قليلا من القصائد هو الصحيح، وأما غالبيتها فالشك فيها محتوم لا مناص منه، ثم جاء بعد ذلك "موير" و"باسيه" و"ليال" و"بروكلمان" فوافقوا على آراء "نولدكه" و"إهلوارد"، وإن زاد الشك كثيرًا عن كليمان هوارت"٢.

وفي عام ١٩٢٥م، جاء "مرجليوث" وأصدر بحثًا له تحت عنوان "أصول الشعر العربي"، رجَّح فيه أن هذا الشعر الذي نقرأه على أنه شعر جاهلي، إنما هو من نتاج العصور الإسلامية، ثم نحله الوضاعون لشعراء جاهليين٣، وتابع "ليفي ديلا فيدا" مرجليوث في دعواه، وذهب إلى أن العرب حينما نسوا في القرن الثاني والثالث بعد الهجرة، ما كانوا يذكرونه عن التاريخ الجاهلي، حاول اللغويون والإخباريون أن يملئوا الفجوات، فزيفوا ما لم يجدوه في الوثائق الحقيقية٤، ومن ثم فقد رأى هذا الفريق من المستشرقين أن الأدب التاريخي العربي، ليس أوثق من القصص التاريخي، وأن أكثر الشعر موضوع، وبالتالي فليس من المستطاع اتخاذهما أساسًا نبني عليه فهمًا صحيحًا لما كان يحدث في بلاد العرب في العصر الجاهلي٥.

وأما الأدباء العرب، فلعل أسبقهم في هذا المجال إنما هو "الرافعي" في كتابه


١ عمر فروخ: تاريخ الجاهلية ص١٨.
٢ ريجيس بلاشير: المرجع السابق ص١٧٦-١٧٧، وكذا.
C. Huart, Une Nouvelle Source Du Koran, Ja, ١٩٠٤, P.١٤٢f
وانظر كذلك: W. Muir, Ancient Arabic Poetry, Jras, ١٨٧٥.
وكذا C. Lyall, Translations Of Ancient Arabia Poetry, Londres, ١٨٨٥
٣ D.S Margoliouth, The Origins Of Arabic Poetry, Jras, ١٩٢٥, P.٤١٧-٤٤٩
٤ Giorgio Levi Della Vida, Pre-Islamic Arabia, The Arab History, New Jersy, ١٩٤٤, P.٥٤١-٤٤
٥ ناصر الدين الأسد: مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، بيروت ١٩٦٦ ص٣٥٣، ٣٧٥.

<<  <   >  >>