للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الروايات العربية، فإن بعضًا منها إنما يشير إلى أن ذلك إنما قد حدث قبل الإسلام بأربعة قرون، بينما يشير البعض الآخر إلى أن تلك الهجرات إنما تمت في القرن الخامس الميلادي، وعلى أيام "حسان بن تبان أسعد١"، علي أن هناك فريقًا ثالثًا إنما يقترح أخريات القرن الرابع الميلادي، معتمدا في ذلك على نسب "سعد بن عبادة الخرزجي"، وجعله مقياسا للزمن الذي ربما تكون الهجرة تمت فيه، فنسب سعد -طبقًا لرواية النسابين- إنما هو "سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخرزج الأصغر بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر بن حارثة"، فمن سعد إلى الخزرج الأكبر أحد عشر جيلا، وإذا افترضنا أن الفرق بين كل جيلين خمسة وعشرين عامًا، كانت المدة بين الهجرة النبوية الشريفة "في عام ٦٢٢م"، وبين الخزرج الأكبر، حوالي مائتين وخمسين وسبعين سنة، أي أن هجرة الأوس والخزرج، ربما كانت في أخريات القرن الرابع٢، هذا ويحدد "سديو" هذه الهجرة بعام ٣٠٠م، ثم الاستيلاء على المدينة في عام ٤٩٢م٣.

وأما أن تهدم السيل كان بسبب "جرذ" له مخالب وأنياب من حديد٤، فتلك أساطير لا تدور إلا في رءوس أصحابها، ومن ثم فهي لا تعرف نصيبًا من صواب، أو جانبا من منهج علمي، الأمر الذي ناقشناه بالتفصيل في كتابنا "دراسات في التاريخ القرآني" كما أن "كيتاني" قد جانبه الصواب كثيرًا حين ظن أن خراب سد مأرب، إنما كان بسبب الجفاف الذي أثر على السد، بل إن ضغط الماء على جوانب السد، ثم حدوث سيل العرم، إنما هو في حد ذاته لدليل على فساد نظرية الجفاف هذه٥، فضلا عن معارضتها لما جاء في القرآن الكريم عن حادث السيل


١ ياقوت ٥/ ٣٥، جرجي زيدان: العرب قبل الإسلام ص١٥٥، الفصل التاسع من كتابنا "دراسات في التاريخ القرآني".
٢ أحمد إبراهيم الشريف: مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ص٣١٥.
٣ لويس أميل سديو: تاريخ العرب العام، ترجمة عادل زعيتر ص٥١.
٤ ابن خلدون ٢/ ٥٠، اليعقوبي ١/ ٢٠٥، ياقوت ٥/ ٣٥، وفاء الوفا ١/ ١١٧-١٢٠، مروج الذهب ٢/ ١٦٣-١٦٤، نهاية الأرب ٣/ ٢٨٣-٢٨٨، الدرر الثمينة ص٣٢٦، الميداني ١/ ٢٧٥-٢٧٦، الدميري: حياة الحيوان الكبرى ١/ ٤٤٥.
٥ جواد علي ١/ ٢٤٤-٢٤٦، وكذا I. Caetani, Studi Della Historia Orientale, I, P.٣٦٧, ٢٩٦
وكذا A. Musil, Op. Cit., P.٣١٠

<<  <   >  >>