للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من قومها، فلما كان يوم زفافها، خرجت على مجلس قومها، وفيه أخوها مالك بن عجلان، فكشفت عن ساقيها، فغضب مالك، ولكنها ردت عليه إن "الذي يراد بي الليلة من هذا، أدخل على غير زوجي"، وهنا أضمر مالك في نفسها أمرًا، أسر إلى أخته.

وهكذا ما أن ذهبت النسوة بفضلاء إلى الفيطون، حتى كان مالك معهن في زي امرأة، وانتظر هناك في مخدع العروس، حتى خرجت النسوة ودخل الفيطون، فما أن أراد أن يقضي من فضلاء وطره، حتى صرعه مالك بسيفه فأرداه قتيلا، ثم ولي هاربًا إلى الشام، مستنجدًا بأبي جبلة ملك غسان، الذي أسرع بنجدته، فأقبل في جيش كثيف من الشام، حتى إذا ما وصل يثرب، نزل "بذي حرض".

وبدأ يكتب ليهود يتودد إليهم ويدعوهم لزيارته، حتى إذا ما لبوا دعوته انقض عليهم وقتلهم، ثم قال للأوس والخزرج "إن لم تغلبوا على البلاد بعد قتل هؤلاء لأحرقنكم"، ثم رجع إلى الشام، ومنذ ذلك اليوم بدأت كفة العرب ترجح على يهود، وأصبح الأوس والخزرج أعز أهل المدينة، فتفرقوا في عالية يثرب وسافلها يتبوؤن منها حيث يشاءون، واتخذوا الديار والأموال والآطام، غير أن يهود ما لبثت غير قليل حتى بدأت تعترض الأوس والخزرج وتناوشهم، فرأى مالك أن الغلبة لم تكتمل لهم بعد على يهود فكادهم كيدًا شبيها بكيد أبي جبلة، وقتل منهم من قتل، فذلوا وقل امتناعهم، وضاع سلطانهم على الأرض، وأخذوا يصورون مالكًا في بيعهم وكنائسهم في صورة شيطان رجيم، يلعنونه كلما دخلوا هذه البيع وكلما خرجوا منها، فضلا عن ذكره في شعرهم في أقبح هجاء قالوه١.

ولعل من الأفضل هنا أن نناقش هذه الروايات، على أنها تتكون من شقين.


١ وفاء الوفا ١/ ١١٥، ١٢٦-١٢٩، خلاصة الوفا ص١٥٩، ١٦٦-١٦٧، ابن الأثير ١/ ٦٥٦-٦٥٨، الاشتقاق ص٢٥٩، ٢٧٠، ياقوت ٢/ ٢٤٢، ٥/ ٨٤-٨٧، أبو الفداء ١/ ١٢٣، المقدسي ١/ ١٧٩-١٨٠ البكري ٢/ ٤٣٩، جمهرة أنساب العرب ص٣٥٦، الدرر الثمينة ص٣٢٧، ابن خلدون ٢/ ٢٨٧-٢٨٩، الأغاني ١٩/ ٩٦-٩٧، علي حافظ: المرجع السابق ص١٥، إسرائيل ولفنسون ص٥٦، الشريف: المرجع السابق ص٣٢٤-٣٢٧،
وكذا Caussin De Perceval, Op. Cit., Ii, P.٦٥٢
وكذا H. Hirschfeld, Essai De L'histoire Des Juives De Medine, Rej, Vll, ١٨٨٣, P.١٧٣

<<  <   >  >>