للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذى نواس، ومن ثم فقد نشرها في صورة كتاب يقرأ على الناس في الكنائس١.

وتسوء العلاقات بين الروم والفرس وتدق طبول الحرب بينهما في عام ٥٢٨م، ويشترك المنذر فيها إلى جانب الفرس، فيهاجم بلاد الشام حتى يصل إلى أنطاكية ويحرق عددا من المدن، منها خلقدونية، ويضحي -فيما يزعم المؤرخون السريان- بأربعمائة امرأة للعزى، وإن كان "ابن العبري" يرى أنه أخذهن لنفسه، وهنا يضطر القيصر "جستنيان" إلى طلب مساعدة الحارث الغساني، فيسبغ عليه لقب "فيلارخ"٢، كما أشرنا من قبل.

ومن أسف أن الجيوش العربية -اللخمية والغسانية- إنما كانت تحارب بعضها البعض الآخر، بينما كان الروم يحاربون الفرس٣، وهكذا كان العربي يقتل أخاه العربي ابتغاء مرضاة الفرس أوالروم، أو حبا في المغامرة، وفي أحسن الفروض، إيفاء بما وعد به الحارث أو المنذر أصدقاءه الروم أو الفرس، وإن كان الوفاء بالوعد يبيح قتل الأخ لأخيه، إرضاء لصديق أو سيد، وعلى أي حال، فإن الموقف سرعان ما يتغير حين تنطفئ نيران الحرب بين الكبار، بينما لا يزال الصغار يلعبون بمقدرات شعوبهم، ولم تنتهي نيران الحرب بين الكبار، بينما لا يزال الصغار يلعبون بمقدرات شعوبهم، ولم تنتهي إلا بقتل المنذر في عام ٥٥٤م في موقعة يوم حليمة -كما أشرنا من قبل- وإن كان "أوليري" يرى -طبقا لرواية المؤرخ ثيوقانس- أن المنذر بقي حيا، حتى تم الصلح بين الروم والفرس في عام ٥٦٢م٤، والذي اتفق الطرفان فيه على أن يترك لكل منهما ماله من الأراضي القديمة، وعلى حرية التجارة بين إيران وبيزنطة، وعلى أن يمنح النصارى حرية العقيدة، وعلى أن لا يسعى أحد من رجال الدين في الدولتين إلى التبشير بدينه٥.


١ عبد المجيد عابدين: المرجع السابق ص٥٥-٦٥، سعد زغلول: المرجع السابق ص٢٢٠، جواد علي ٣/ ٢١٩، وانظر:
I. Guidi, La Lettera Di Simeone Vescova Di Beth Arsham, P.٥٠٧
وكذا J.B. Bury, Op. Cit., P.٣٢٣ وكذا A. Musil, Op. Cit., P.٢٦٧
وكذا Zdmg, ٣٥, P.٣-٤
٢ جوادعلي ٣/ ٢٢١، وكذا Malalas, Ii, P.١٦٦
٣ A. Musil, Palmyrena, P.٢٧٤
٤ O'leary, Op. Cit., P.١٦٠
٥ أرثر كريستنس: المرجع السابق ص٣٥٨.

<<  <   >  >>